ريان علوش: هارب من راوية لم تكتمل
زي بوست
اعترضت شخصيات الرواية التي كنت اقرؤها بعد أن غالبني النعاس وهممت باغلاقها، لم أفاجأ بذلك لطالما أدمنت فيما مضى على الحوار مع الشخصيات الروائية التي قرأتها.
أهم ما جاء في اعتراضهم أنهم لا يريدون الانتظار ، يريدون أن ينهوا مهمتهم هذا المساء، شاكين من العدد الكبير من القراء الذين أقلعوا عن إكمالها.
لم أقل لهم بأن الرواية ضعيفة ولا تستحق الورق الذي طبعت عليه، لكنني قلت لهم بأن هناك بعض المواقف تحتاج إلى تعديل كي تصبح الرواية أكثر تشويقا.
بطل الرواية أعجب بما قلته فقال لي:
على ما يبدو أنك تلعب البطولة بنجاح في حياتك الخاصة، وقتها لم استطع الادعاء بعكس ما أنا عليه فجاوبته بصراحة بأنني لست بطلا و إنما ألعب دوراً هامشياً أشبه بكومبارس في رواية لأبطال لا أعرفهم.
استغرب من حديثي قائلا:
ولكن ما ألاحظه امتلاكك لكثير من الأفكار التي تؤهلك للبطولة،
أجبته : يا عزيزي البطولة في الحياة ليست كالروايات، البطولة هنا فقط لأصحاب النفوذ و السلطة و المال.
اعترضت حبيبة البطل و التي كانت تتمتع بشخصية قوية إضافة إلى جمال خارق قائلة: و لم لم تعترضوا على ذلك؟ من حق كل منكم أن يلعب دور البطولة في روايته الخاصة.
عقبت على ما قالته بطريقة أقرب إلى الشكوى قائلا:
لقد فعلنا ذلك حقا واعترضنا على الأدوار الهامشية التي لازمتنا,لكننا باعتراضنا هذا انتقلنا إلى ضفة أخرى مليئة بالأشخاص الطامحين للعب دور البطولة تاركين لنا نفس الأدوار الهامشية التي لعبناها فيما مضى.
بعد فترة من الهدوء بدا لي خلالها بأن شخصيات الرواية يتناقشون بأمر ما لم أستطع سماعه، لكنني فهمت محتواه بعد أن قال لي البطل:
ما رأيك أن تأتي إلينا وتلعب دور البطولة؟
سررت باقتراحه هذا، لكني حاولت إخفاء ذلك عندما سألته:
وماذا عنك أنت؟!
أجابني بحماس وكأنه يريد أن يقنعني بفكرته قائلا:
لا تهتم لأمري، فقد قررنا أن نقترح عليك ذلك كنوع من التضامن معك,لكن اياك أن تعتبر ذلك نوعا من الشفقة.
في الرواية كان كل شيئ مسخراً لتحقيق ما أريد، لذلك عدت للبدايات وبدأت بتغيير الأحداث لأصبح بطلاً مطلقاً لا أهمية للآخرين إلا بقدر ما يثبتونه من ولاء لي وهذا ما جعلني أستبعد بعض الشخصيات و أهمش آخرين ممن يشك بولائهم لي وأحضرت آخرين ككومبارس مهمتهم الرئيسية هي تمكيني من الدور الذي ألعبه.
ذات يوم قال لي البطل السابق محذرا:
لكن إياك والخطوط الحمراء، لم أسأله وقتها عن تلك الخطوط لأنني اعتبرت أنه تجاوز حده فهمشته لدرجة أن أصبح وجوده وعدمه في الرواية على حد سواء.
الموالون لي قاموا بما لم أكن أحلم به حيث أطلقوا علي ألقابا مثل أباطرة الماضي و كان كل شيء بالنسبة لي مباحا ، فالمتدينون يبررون ما أقوم به بإيراد نصوص من كتابهم المقدس ليقولوا بأن ما أفعله حلال و الملحدون أيضا يعتقدون بأن ما أقوم به هو الوجه النهائي للحياة التي ينشدون العيش فيها.
بت زعيما رغم أن الرواية لا تحتمل ذلك لكنها كانت فرصتي الوحيدة لأكون بطلا كالأبطال الذين لعبت أدواراً هامشية في حياتهم.
وحدها بطلة الرواية كانت متمسكة بدورها القديم و لم تقبل بكل المغريات التي قدمتها لها ، هذا الأمر أزعجني حقا ، لم أستطع تهميش دورها لأن أمل الحصول عليها كان ما زال يراودني.
في الجزء العاشر بعد الألف لاحظت أن التعب والتململ قد أخذ يظهر على الشخصيات حتى على من كان أشد الموالين لي ، فحسب ما نمي إلي أن الرواية طالت أكثر من اللازم وهم لا يستطيعون الاستمرار في لعب أدوار تكلل سمعتهم بالعار.
هذا الأمر دعاني إلى محاولة إعادة استمالتهم فدعوتهم إلى رحلة نقضي فيها وقتنا في أحضان الطبيعة.
كانت الرحلة ناجحة حيث عبر الجميع عن المتعة التي لاقوها بما فيهم بطل الرواية السابق ، هذه الأراء دفعت أملي بالتجدد ليس بالاستمرار فحسب و إنما بالحصول على البطلة التي ما زالت تضع الحواجز بيننا لدرجة أنها قالت لي ممتعضة بسبب تعبيري عن حبي لها:
انتبه … الحب هنا خط أحمر و لا يجوز لك أن تعشق أو تحاول مع محبوبة آخر .
أهملت مرة أخرى قصة الخطوط الحمراء معتبراً إياها كالتي يتحدث عنها السياسيون.
مع الساعات الأولى للصباح اجتمعت شخصيات الرواية على انفراد واتخذت قراراً بطردي بعد أن ضبطوني متلصصاً على البطلة عندما كانت تقضي حاجتها
أعادوا الرواية إلى ما كانت عليه من أحداث و عدت أنا وحيداً لألعب دور الكومبارس في حياة أشخاص لا أعرفهم.