نارين ديركي: ستي الأرمنية

نارين

نارين ديركي: ستي الأرمنية

 

زي بوست:

 

“كنت في السادسة من عمري ألعب في باحة الدار حين دخلوا علينا وأخرجوا أبي وأمي وإخوتي الستة من الغرف وبدأوا بذبحهم، ارتميت في حضن أمي، أصرخ من الخوف.

لم أمكث طويلاً بين ذراعيها لأن سكيناً انغرس في ظهرها هي أيضاً، وكان أن أغمي عليّ فلم أجد نفسي بعدها إلا فوق تلة من الجثث.
كان قد دفعني رعب أخرس لأن أجمد في مكاني. يبدو أن أحد وحوش الأتراك رماني مثل خرقة مهترئة فوق هرم من أهلي ومن سكان الحي، مكدسين بساحة المدينة.


لا أعرف كيف بقيت حيّة ولم أختنق، ولا كيف تحملت جبل الموت الرابض فوق طفولتي المرتعشة. تحملت كل شيء إلى أن ابتعد الجنود والحراس بعد منتصف الليل.


خرجت بمشقة من الركام حاملة دم كل أولئك الأبرياء ذاهلة أرتعد مثل ممسوسة. لا أعرف إلى أين أهرب ولا كيف أختبئ. صادفت فتاة طويلة نحيلة عارية تماماً. لحقت بي كانت ترتعش مثلي، ثم استجدتني هاذية أن أخلع ثيابي لتلبسها هي، وبأنني لن أثير الضباع بجسدي الصغير ذاك. بالفعل أصبحت عارية من كل شيء ماعدا الخوف الذي لم يتركني حتى هذه اللحظة”.


جدتي، ذات الابتسامة الحزينة، كانت تلك إحدى قصصها الواقعية. الليل كان دائماً هو التوقيت الأنسب كي تخرج الآهات من صدرها، فتروي لنا شهادتها بنبرة هادئة، مرّة لن تنسى. لا يزال أبي يبكي حين يتذكر أمه الجميلة والصامتة إلا من نظرتها الموغلة في الحزن.


أهمس لروحها اليوم، أنا حفيدتها الغاضبة لدمي مرتين، أن ابتسمي هذه المرة فقد صار العالم بكامله يعرف قصتك الأرمنية وقصتي الكردية، وقد اعتذر عن صمته طوال قرن كامل من القهر. ضميني يا ستي فأنا مثلك مذعورة اليوم…

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s