ناصر ناصر: حوار

ناصر ناصر: حوار

زي بوست:

هذا النص كتبته أكثر من مرة، بأشكال و صيغ كثيرة و بعد كل مرة أحذفه فيها يعود و يطل برأسه معاتبا حزينا.

احترت من أين أبدأ فالشكل شكلي و القوام قوامي، ياقة القميص المرفوعة نحو الأعلى والأكمام القصيرة هي هي، الكتفان المتهدلان مع العنق النحيل، تسريحة الشعر نفسها و الفارق الوحيد هو أنني أرد شعري نحو اليمين و يرده هو نحو اليسار.

حركاتنا واحدة، منسجمة، متناسقة لكنها متعاكسة فعندما أرفع يدي اليمنى يرفع هو اليسرى وعندما أميل نحو اليمين يميل هو نحو اليسار.

أتراجع فيتراجع حتى يصبح بحجم أرنب صغير.. أتقدم فيتقدم، يقف قبالتي وكأنه يتحداني، أشم رائحة أنفاسه النتنة وأسمع صوت لهاثه المتلاحق. تغيظني معاكسته و مخالفته لي. ضربته بقبضة يدي فضربني، سمعت صوت تحطم أصابعي فتأوهت من شدة الألم، نطحته برأسي فنطحني.

صرخت في وجهه، صرخ في وجهي، خشيت أن يسمعنا الناس فيجتمعون حولنا كما تجتمع القطط حول حاويات الزبالة في الليالي الباردة، لوحت له بيدي مهدداً فلوح لي بيده. جربت أن أدفعه بعيدا عني، أطبقت كفي اليمنى على كفه اليسرى وأطبق هو بكفه اليمنى على كفي اليسرى ثم راح كل واحد منا يدفع الآخر بكل قوته إلى أن خارت قوانا فسقطنا متكومين على الأرض أنا و هو. أزحت الأوراق و بقايا العلب الفارغة جانبا ثم نهضت.

لم أنتصر عليه و لم ينتصر علي فقوتنا تبدو متعادلة وهنا يصبح مستحيلا انتصار أحدنا على الآخر. بدأت الدماء تنزف من جبيني، تذكرت أنني نطحته في رأسه و نطحني. بصقت عليه فلم يرد، التصقت البصقة في منتصف وجهه، سالت قليلا من أسفل عينه اليسرى إلى أن وصلت أعلى الشفة واستقرت هناك، تحسست وجهي الجاف و تابعت البصاق حتى جف ريقي.

سرني أنه لم يرد لي البصقة، تذكرت، هو مجرد ظل، ظلي أنا وتذكرت أنني أسرفت في شرب البيرة في ذلك (البار) الصغير ولكن الهادئ.

فتحت أزرار بنطالي الأمامية ببطء شديد و رحت أمارس هوايتي في الشارع الخالي.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s