أقصوصة: محمد فتحي المقداد
زي بوست:
تركزت نظراته على حافّة الكأس، تمنّى أن تلامس شفتاه النُّقطة التي شربت منها.
توقّف تفكيره عند لوحة الشّفاه الحمراء المُنطبعة على المكان الذي تمنّاه. كأنّها إشارة مرور تُلوّح بخطر التجاوز.
توارد أفكار موحٍ:
– “لا أدري ما الذي ذكّرني باليابان..!!؟ أوه..!! الله عليك يا بيكاسو.. نقطتك الحمراء في وسط الرّاية تُرفرف هناك على ضفّة العالم المُتحضّر رمز القوّة”.
سرحتُ بعيدًا بأفكاري. كلماتُها تأتيني خافتة من عميق بئر:
– “حبيبي.. جمرُ الانتظار حرّقني.. طالت المواعيد”.
كلامُ الغزل والحُبّ يغلي في أعماقها وَلَهًا. لم أفهم كثيرًا مما قالت.
قطار أفكاره توقّف عند إشارتها. انفصال تامّ عن محيطه في المقهى. نظرهُ مُركّز على حافّة الكأس، صاعقة ضربت تلافيف دماغه؛ اهتزّت من هولها أعصابه:
– “ياااااه.. يا لهوْل غبائي..!! وانخداعي بمظهر الوجه المرمريّ تُزيّنه الأصباغ؛ فيبدو كوجه الجيوكندا الملائكيّ.
اكتنازُ شفتيْها السّاحرتيْن تُغريني بارتشافها.. آهٍ..!! لو سنحت لي فرصة الارتواء..!!.
الخطوط المتقاطعة والتشقّقات فضحتها الكأس؛ فأطفأت ضِرام رغبتي المكبوتة. كلامها المُشوّش اقتحم حُلُمي، في اللحظة القاتلة أبعدتُ وجهَها جانبًا، وفحيحُ أنفاسها اللاهبة تبدّد خارج الإطار، وانطلقتُ”.
من كتاب (بتوقيت بُصرى/الروائي محمد فتحي المقداد)