دينا عاصم: صابرين في بلكونتي

دينا عاصم: صابرين في بلكونتي

زي بوست: 

كان لقائي الأول بها عند عم عبدالعزيز…كنت أمرّ وسط قريناتها وكانت هي مازالت صغيرة تتفتح على استحياء.

قلت له: تعلم أني أريد نباتات تعيش طويلا، أكره الموت، خاصة موت الأشياء الجميلة. ضحك وقال أعرف ذوقك، وأشار لي على مثيلتها، تلك التي كانت تقف بجانبها مزهوة متفتحة تتدلل بلونها الوردي، فأشرت إليها وقلت بل أخذ هذه، أختها الصغرى. قال: نفس الفصيلة، صبار بلا رائحة،  ولكن زهوره جميلة كما ترين، وصبور مثلك، وعلى كل حال الكبيرة لن تتعبك.

قلت : أحب التعب وبعده إحساس السعادة حين يثمر تعبي عن جمال، هز رأسه وحملها.

في بلكونتي، احترت أين أضعها، وبكل مكر وضعتها بين الياسمين والقرنفل، وفي مقابل الريحان ومسك الليل والنعناع، أردت أن أستفزها، أؤمن تماما أن كل شيء خلقه الله يشعر ويحس ويفهم، حتى الجماد، لو عاملته بإنسانية سيحبك ويشعر بك.

وضعتها بجانب القرنفل، حبيبي، لا أعدل به شيئا، أحبه لصخب لونه ورائحته، أحبه منذ تفتحت عيني على الدنيا.

أحبه لا أدري لم، حتى أنني مؤخرا أصبحت أحب الشاي بالقرنفل بعد أن كان النعناع صديقي.

وضعتها بجانبه قاصدة أن تراني وأنا أدلله وأكلمه وأغازله كلما مررت به، وأربت على وريقاته حين تذبل في انتظار فبراير.

وضعتها وعيني عليها، أهتم بها وأسقيها في صمت، استسلمت هي لتلك الرعاية الخرساء وفهمت أني حتى أدللها عليها أن تهتم بي قدر اهتمامي بها وتقدر رعايتي لها، الاهتمام هو عصب الحب، كانت تغار، أشعر بغيرتها وأنا أضاحك الياسمين وأقبِّل القرنفل، أجلس في مواجهته، أجز عنه الحشائش التي نبتت على جانبيه تريد استغلاله، أفهمه أني أحبه وأخاف عليه من هذا الجوار المزعج الذي سيضعفه، وهي بجانبه تتاملني متعجبة.

ويمضي الصيف وهي على صمتها وأنا على رعايتي وعهدي دون كلام، ثم غبت يومين عن بلكونتي، في هذا الصباح دخلت البلكونة، فوجدتها بارعة الجمال تقف في انتظاري، تزهو بلونها الوردي، تشبه كثيرا أختاً لها رأيتها أول مرة عند عم عبدالعزيز، اقتربت منها بسعادة وملت لأقبلها قائلة لها: أخيرااا، ابتسمت بخجل، و.. غار  القرنفل … وآه من القرنفل..!

الإعلان

فكرة واحدة على ”دينا عاصم: صابرين في بلكونتي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s