ثامر الجهماني: الصلاة الأخيرة

ثامر الجهماني: الصلاة الأخيرة 

زي بوست:

وقف أعلى التل، جاب بناظريه المدى المترامي خلف الصمت.

وعندما ارتدى ثوب العصافير المزركشة، أحس في فضاءات قلبه فسحة من حنين.

ملامح وجه، أم وهج أفق؟ عبق الروح صار الصهيل وهذا وقت للمطر، إن انتحب صاحبنا صار العويل لغة للبشر. 

ملأ صدره الهواء الندي، ووجهه مثقل بالشحوب موسوماً بجروح عميقة، وتأكد وقتها بأن أول نظرة هي الدقيقة الحرجة والفاصلة بين نشوة الحياة ويقظتها.

في البعيد تراءت البيوت فاغرة أفواهها حزينة والأشجار تهدلت.

أدرك وقتها معنى الحياة وهو يتساءل “لماذا تبقى هذه الأرواح حبيسة الأجساد الفانية؟ ولا تجرؤ على الخروج والانطلاق إلى البعيد إلى اللامكان، إلى حين تغوص الأجساد في سبات الصيرورة اليومي”.

أرسل إشراقته الأخيرة على هذا المدى وافتر عن ابتسامة خجولة.. ما يشبه وجه القراصنة إن قضى نحبه أحد رجالهم، لكن تداعى الإصرار لديه لكشف الكنز الدفين في عباب البحر أو جزيرة مهجورة لم تزل بكراً! 

في الصباح كان الجسد الفاني قد استقل قطار الوداع وخلف التل زقزقت العصافير الملائكية تملأ الآذان طرباً. كان الجسد مسجى والابتسامة لم تفارق محياه.

في الأفق راح صدى صوته يتراءى للعيون العسلية نغماً باهت الألوان… ورق الحمام لا يزال بعيداً.

وتهاوت المنازل حطاماً فوق رؤوس قاطنيها.

ولم تزل الأشجار تزداد تهدلاً إلى أن التصقت بالأرض راكعة حزينة من نشوة العبادة.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s