سلام حلوم: ربّما

سلام حلوم: ربّما

زي بوست:

ربّما لست أنا
ذاك الذي امتصّ جلده كلّ حفنات الدّاية من الملح
بعد غسلة الولادة الأولى
فكرّرت ثلاث مرات “قل هو الله أحد”
وقالت لأمي: لن تلدي بعده
فهو خمسة في واحد
سيحظى بما ليس لأحد من المال والحسن وطيب الأوطان

ربّما لست أنا
من كان يعضّ زيق أكمام قمصانه الجديدة
حتى انتخرت أسنانه اللبنية بعد شهر
وجعلت أمي تغصّ من حسرة على آخر بطونها
كيف سيحتمل ظلم عمّها جدي
وبطش السّاسة الجدد
ليكرّر اتهامها بمصادرة قضاء الله

ربّما لست أنا
من لم يوقفه عن السلس البولي سوى الفَلَق الباكر من معلّم الحساب
فكافأته أمّي بصفط من الرّاحة
وكافأته أنا بعكّاز عندما شاخ
فقد صرت أعرف الناقص في المعادلة وحاصل القسمة وناتج الضرب
وفي كل اجتماع صباحيّ، أحلّ مسألة فراغية
ونحن نؤدي تحية العلم

ربّما لست أنا
ذاك الذي قرأ مكتبة المدرسة ، من تفسير الزمخشريّ حتى المنطلقات النظرية لحزب البعث
ليهمس أمينها في أذني:
ستكون قدوة وتغيّر من جحشنة هؤلاء العميان
وأشار صوب المنبطحين أمام مدرّب الفتوّة

ربّما لست أنا
ذاك الباكي لعبد الحليم حافظ
والحافظ عدد قبلات فيلم” أبي فوق الشجرة”
والمدافع حتى الآن عن رومنسية عبد القدوس
والكاره للبطل القومي والمومس الفاضلة في الأدب الملتزم
من أخذه الحبّ إلى الشعر، وآخى بين النص المهاجر وأنصار قصيدة النثر
من كره السياسة ، ودكتاتورية البروليتاريا
وقضاها مثلما في بيته في المنفى هكذا حبرًا بحبر

ربّما لست أنا
من راهن على أنّ فرس دون كيشوت إنّماهو بغلة
وعلى الموت المبكّر لنصري شمس الدين
وعلى أنّ المخبر لايتوب
وأنّ الأحزاب في بلد كالمقبرة إنما هي عربات لدفن الموتى
وأنّ الدم في مذابح القربى يصير ماء والوطن مجرد ألوان في راية

ربّما لست أنا
من كان يدافع، في علم النحو، عن أنّ “ما” ليست كافة وأنّ ربّ حرف جرّ أصلي
ربّما لست أنا
من يكتب الآن

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s