عبد الرحمن الإبراهيم: عن المهاجرين والأنصار وكيف ارتفع الجدار؟!
زي بوست:
تذكرون جيداً في بدايات التهجير، فيوض الحنان وسيول الشفقة وعواصف الرحمة، التي أغدقتها الحكومة التركية على المنكوبين السوريين، حيث فتحت جميع حدودها على مصراعيها لكل راغب، وكان جاويش أوغلو وزير الخارجية يستقبل الأطفال ويضمهم ويمطرهم بالقبل، وتذكرون أيضاً الوجبات الشهية التي كان يقدمها الأنصار للمهاجرين، والتي أغرت الكثيرين بالرحيل الى تركيا، في حينها شعر البعض بالارتياب وأنا منهم، وقلنا : وراء هذا الكرم ما يخيف، أقلّه والذي كان واضحاً، تخفيف الضغط عن العصابة الأسدية، بتفريغ سورية من القوة الشبابية المؤثرة، والسماح لكل من هب ودب بالدخول الى سورية للعب بالنار.
كنا كلما احتدم النقاش في هذا الموضوع، نتهم بالعداء للإسلام، من منطلق أن تركيا دولة إسلامية وما تفعله هو واجب ديني وإنساني ، وأنه لا بد من المال لدعم الشباب الذين سيبقون هنا للدفاع عن الثورة وحمايتها ، فإذا لم يهاجر البعض ليعمل ويكسب ويدعم، فمن أين سنأتي بالمال؟!
٥٠% من الشباب الذين هاجروا، لا زالوا ثملين في الملاهي الأوربية الرخيصة ولن يجدوا من يوقظهم ، ٤٥% فئة الشطار الذين عرفوا كيف يتاجرون بدماء أهلهم وأرواح شهدائهم وأصبحوا من أثرياء الدول التي يقيمون فيها!! ٥% نسبة الشرفاء الذين قدّموا ولا زالوا يقتسمون اللقمة مع أهلهم، فهم بالحد الأعظمي يساعدون ٥% من المنكوبين في الداخل، وال ٩٥% من ذوي الشهداء والأيتام والأرامل والشيوخ والمعاقين والمرضى والفقراء، لكثرة الدعم تراهم في انعدام النفط، يشترون الأحذية الجديدة والملابس الفاخرة والأواني البلاستيكية ليضعوها في المواقد، لكي يموت بالسرطان كل من لم يُقتل بصواريخ وسارين العصابة الأسدية!!!
أما بالنسبة للأنصار، وعندما باتت تبكي على أحوالنا وحوش الغاب ، من هول البراميل والسارين والمجازر المروعة ، تبخّر حنانهم فجأةً ، وبنوا بيننا وبينهم جداراً يصل الأرض بالسماء ولا نستطيع له نقبا، وليس فيكم من لا يعرف كم قتل الجيش التركي من السوريين الفارين من الموت، وكم جمعت مافيات تهريب البشر من ملايين الدولارات؟!