ريّان علّوش: حوار مع صديقي الحذاء

ريّان علّوش: حوار مع صديقي الحذاء

زي بوست:

ليس للبيع و لا للإعارة
كنت أقولها بحزم لمن يعرض عليَّ شراء حذائي ولا أقبل المزاح في هذا _ ليس للبيع و ليس ل للإعارة _ .
عندما يسمع حذائي الرياضي هذا الكلام مني يضغط على قدمي كنوع من الشكر و الامتنان.

علاقتي بحذائي الرياضي الأبيض قديمة، تمتد إلى ما قبل خروجي من دمشق، فقد طلب مني شراءه متوسلا.
ليس وهما بل حقيقة، هذا ما صرح لي به فيما بعد فهو أيضا كان يريد الابتعاد حيث لا دماء و لا خراب.

ليس حذاء عاديا فقد كان يحب ويكره ويتعب ويتأثر بكل ما يجري حوله، قال لي في احدى المرات: كنت أخشى أن ينتعلني شبيح أو مسلح، أفضل الكساد على ذلك.

ما زلت أذكر كيف ضغط بقوة عندما دخلنا إلى أحد المحلات في القاهرة حيث وضع صاحب المحل صورة الزعيم على الأرض كي يدوسها الداخل و الخارج إلى المحل.
تلك الضغطة تسببت بتمزيق الصورة وكسر الخشب الممدود عليها، الأمر الذي أزعج صاحب المحل، نظرت إلى حذائي و قلت له معاتبا: أحرجتني مع الرجل، فأجاب على الفور: لا تهتم إنه أحد المتاجرين بقضيتكم وما فعلته كان مقصودا.

حذائي غريب الأطوار وكثيرة هي المرات التي بدَّل فيها مكانه بعد خروجي من الصلاة، و كي لا أحرجه كنت أتجاهل الموضوع، في إحدى المرات وعندما أحسست أنه تمادى في الابتعاد طلبت منه تبريرا لفعلته هذه، فأجابني بأنه في كل مرة أدخل فيها للصلاة يتعرض هو للسرقة فيحتال على اللصوص و يهرب بصعوبة منهم، هذا الأ مر جعلني أبتعد عن الصلاة.

حذائي فريد ولأنه يعرف ذلك كان كثير الدلال وكم من مرة أحرجني عندما كان يمد لسانه أو يرخي رباطه في الطريق فأقول لنفسي: هذا حقه وليتصرف كما يشاء فهذه ضريبة الوحيد.

عندما أتينا إلى تركيا بدا عليه التعب وقال بعد أن رأى قدمي تخرج منه: ههههه لقد هرمنا.
حاول قدر الإمكان أن يستر قدمي لكن خانه الجلد المصنوع منه لدرجة أنني رأيته يوما وقد فغر فاه وعلت الدهشة وجهه لهول ما رأى و ما سمع، عجز عن إعادة فمه المفتوح إلى سابق عهده أمهر الاخصائيين وقد نصحوني بالاستغناء عنه.

كان الاستغناء حسب طلبه، فقد أمرني أن ألقيه في البحر، وضعته على قطعة من الخشب مزنرة بإكليل من الغار كما يليق بفرسان أيام زمان عندما كانت تنتهي حياتهم بعد أن يكونوا قد أبلوا بلاء حسنا ثم القيته في البحر بعد أن اضرمت به النار، لم يكن في الحسبان أن تلك اللحظة سوف تكون الخيط الذي قطع مع ماض لن يعود.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s