أحمد الياسين: رهين المحبسين في معرّة النعمان

زي بوست:

هنا يرقد أبو العلاء، منذ تسع سنوات عجاف، أو سمان مضت، وهو متروك ٌ لنومه القليل المشرّد، ولجفنه القريح المسهّد.

لكنّه اليوم يستيقظ بعد أن بقرت أذنيه سكاكين الطائرات البعثيّة التي أرسلها لإيقاظه القائد الملهم ذو العينين الزرقاوين، حبيب القبيسيّات (أمّهات السلام عليكم)، لقد فعل ذلك من أجل كرامة الوطن وعدم المسّ بعذريّته دون المرور بمكتب القوادة في الجبهة الوطنيّة التقدّميّة ومنظّمة اتحاد شبيبة الثورة وفرع طلائع البعث القائد.

نعم يستيقظ أبو العلاء؛ ليرمق أحفاد أترابه يجمعون لحم أطفالهم المعلّق على الحيطان إلى جانب مرحاتهم والصور التذكاريّة التي تحمل أسماء الشهداء والآباء والأجداد، وشهادات التخرّج الممهورة بختم الجمهوريّة العربيّة السوريّة.

يقول لهم: لا تتركوني وحيدا، احملوني معكم لاتتركوا (لزوم ما لا يلزم) أو (سقط الزند) ضعوهما في حقيبة واحدة مع الأشجار، والبرد، والحرّ ،والمطر، ضعوا المعرّة كلّها في حقيبة؛ فالوطن في زمانكم ليس إلّا حقيبة.

لوكنت أعي لما انشغلت باللام المكسورة مع العين والواو ولكنت حدّثتكم عن لزوم الواو للوطن أو لزوم الوطن للإنسان.

لو امتدّ بي العمر لأقرأ عن آخر قبائل الهنود الحمر، لحذّرتكم من القادمين في سفن من بلاد الفودكا والسجَاد.

لو كنت حيّا لحظة (الهولوكوست)، لما توانيت لحظة في تنبيهكم من مغبّة أن يصبح البعث قائد الأمّة.

لو قرأت( غوتة) – بدل المتنبّي-، لأقنعتكم بأنّ نعجة (دولي) ليست وحدها القابلة للاستنساخ، وإنَما( فاوست) هو الآخر من الممكن أن تسنسخ منه آلاف النسخ.

لو كان ميشيل عفلق أحد مريديني، لحذّرتكم ألف مرّة من اتباعه؛ فهم لا يتوبون وإن تابوا.

لو كنت اعرف هيغل، لقلت لكم: لا تتركوا الشمس تشرق من بلادكم،
فالحضارة مطلوب رأسها ل (فوكو ياما).

لو كنت أعرف الغيب، لأخبرتكم عن الطاعون الذي يأتي على هيئة رجل طويل القامة، معتوه، في عقله لوثة، يبقر بطون النساء، ويقتل الأطفال، ويهلك الزرع والضرع تسع سنين، ويهلك في العاشرة.

يا أحفاد أترابي، اصبروا قليلا فالمعرَة لن تموت ما بقيت لزوميّات أبي العلاء.