حسين الضاهر: أنا أيضاً هُجرت البارحة
زي بوست:
أنا أيضاً هُجرت البارحة
مثلما يُهجراليوم سيل من اللحم والأحلام البشرية
مثلما سُيهجر غداً نهرٌ عن مساره،
بمائه، بأسماكه، بطحالبه ونفاياته
ويواصل هذا العالم نومه في العسل
هُجرت بعد أن رُميت بأيدي أخوتي في بئر “خيانة الوطن”
وعادوا يلوحون بقميصي ملطخاً بدم التطرف
ولم يكن يوماً دمي
هُجرت لأنهم قتلوا “بسام الجمعة” و “علي الهويش” ووووو
هُجرت لأن أول قذيفة ألقتها الطائرة على منبج
نزلت في مائدة إفطار عائلة
فأكملوا وجبة “الملوخية” في المقبرة الشمالية
وكانت هذه هي المشاهد الأولى للمجزرة الطويلة
هُجرت لأنهم أبدلوا اسم “محمد الجبوري” برقم “12” وأعطوه بلاطتين في زنزانة عابقة بالظلم
هُجرت لأن أخوة لهم علقوا “حذيفة العثمان” من رسغيه لأيام
لأننا في صحيفة “شمس الحرية” ندعو للعلمانية والكفر .. كما قالوا
هُجرت لأنني لم أقف يوماً على أسلاك الحرية كعصفور “كما حلمت”
بل بقيت كما أنا شرنقة مغلفة بخيوط المستحيل
هُجرت لأن المسافة بينك وبين أطفالك مسافة مطاطية
تطول كلما ازداد ضغط الشوق
هُجرت لأن طريق التهجير وطريق السماء هما نجدانا الأخيران
هُجرت وسقطت عن قافلة الوطن
هُجرت وتعلقت على جلد مدنٍ غريبة
كـقرادة أمتص قليلاً من دمها الفاسد
هُجرت وسيظل التهجير مستمراً وكما هو “موت برصاص بطيء”