حسن قنطار: لازلت هناك
زي بوست:
أفكر في إنجاب ذاكرة جديدة؛ فالسنوات الثمان التي تمارس تمارينها التكوينية في رأسي قتلت نصف ذاكرتي القديمة، وأرهقت النصف الآخر حتى ترهّل.
لم تعد أمي تفاجئ الشمس باكراً لتسرق منها شعلة توقد تنورها العابق بروائح الأرغفة والدخان وهي تسبح تارة وتغني للصباح تارة أخرى.
الآن تستيقظ أمي باكراً كعادتها ولكن برائحة جديدة وصيحات جديدة أيضاً.
لم أعد أستنفر الفراش صباحاً لأجدني رأساً مرمية تحته وقدمين فوق الوسادة.
الآن لازلت أستنفر رأسي وأضبط قدميّ بنوم جديد ويقظة جديدة.
لم تعد كتاباتي وأشعاري وعبائري حالمةً سعيدة، كانت كل الحروف تعانق حركاتها وكل القصائد تراقص أوزانها.
الآن لازلت أكتب وأنثر وأقرض بلغة جديدة وشكل جديد؛ حروف خاملة وأشعار ناعسة وعبائر ميتة.
لذلك أفكر بإنجاب ذاكرة جديدة
لولا أنني لا زلت هناك.