كتب الشاعر صلاح حنايا في رثاء والده رحمه الله
زي بوست:
وَلَٰكِنْ ذِكْرَىٰ
أبي الذي يسكن في برزخ بين يومنا وبين السنين التي سبقت الحرب
منذ أول المجاعة وهو يخبئ فتات الخبز تحت وسادته مع التبغ وبعض النقود الّتي فقدت قيمتها
كلّ ليلةٍ يصيح بأمّي أن غطي الصغار من البرد ولايدري بأنّ أولاده العشرة فرقتهم الحرب في البلاد
أبي الّذي يسكن في هوة بين يومنا وأحداث جرت في شبابه
يطوف على الاسرة الفارغة يغطي اطفالا أكلتهم الحرب منذ سنين خلت يسأل ابنه الّذي نجا هل جاء الضيوف؟
قل لاخوتك أن يحضروا على العشاء
وقل لأمك أن تنهي عجنتها فقد أوشكت الشمس الغياب
أبي الذي يسكن في فجوة بين نهارنا وبين أيام تالفة ابتلعت السمكة قلبه
فصار لايذكر من الصلوات إلّا القليل
كلّما انقطعت الكهرباء أو سمع صوت دويّ بعيد ينهض إلى ابريق الوضوء
أبي الّذي كان يحسن الحديث والصيد
عضّه الغول في قلبه
فنسي أغنيات النهر
وصار لاينام
أبي الّذي قتلوا أبناءه الذكور أمام عينيه
فقد كلّ أسنانه
وصار يخاف النساء والكهرباء والمياه الصامتة
أبي الّذي يتوهم أن ّخلف نافذة الليل وحوش الجحيم
خبأ قلبه في فم الغزالة واستراح.
(لروحك الرحمة أيها العربي الأصيل “أخو ردسة”)