يزيد عاشور: حين فاض الخابور.. فضحنا
زي بوست:
لم تكفه حيطان البيت في حي غويران، ولا أثاثه العتيق، أسمالي الصغيرة حين عرفت الحياة للمرة الأولى، شبابيكه المتهالكة.. بيتنا
حين فاض الخابور
قذف على ضفتيه الكثير من قهر النساء، ضحكات أولاد الحارة، خيانات الرجال، قصص الجن في شتاءاتنا الطويلة، خطب الجمعة وأجهزة الأمن،
بيانات الانتصار، زجاجات الخمرة الفارغة، جثث رجال مشوهة، بقايا خُدّج وكلاب قطط شاردة، وشبق الزميلات المحترمات في الاتحاد النسائي.
قذف على ضفتيه كرامة الرفاق في حزب البعث العربي الاشتراكي وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية.
حين فاض الخابور طفت على سطحه كذبة العيش المشترك، قصص العاهرات وتقارير المخبرين بللها الماء،
تبهدلت اتحادات الطلبة والشبيبة والطلائع واتحاد الفلح والعرصات، وفي الليل خلف نُعاس الناس وصلت المياه لقصر السيد المحافظ.
لم يكن ثمة مظاهرات غاضبة حينها ولا معارضات، لم نكن نعرف أين تقع إيران ولم نسمع بروسيا الاتحادية، كنا نعرف الاتحاد السوفيتي وتماثيل السيد الرئيس وعلم البعث، ونردد نشيد موطني موطني.
حين غضب الخابور يوماً أغرق الكثير من خوفنا، الكثير من عجزنا، صمتنا والكثير الكثير من منجزات الحركة التصحيحية.
حين فاض الخابور يوماً
فضحنا