ريّان علّوش: كلاب الراعي الغريب
زي بوست:
كان فريناندو كلبا عادياً، أي انه لم يكن من ذوي النسب التي تفاخر عادة الكلاب بها، تلك الكلاب التي تزين رقابها سلاسل تنتهي بيد من يملكها، وتنتقل بسهولة من يد إلى أخرى دون أدنى اعتراض.
فريناندو كان عكس ذلك، فقد كان كلباً حراً لم تعرف السلاسل طريقها إلى عنقه يوماً، حيث كنت أتعامل معه كندّ لي وليس تابعاً، وهذا ما كان يزيد من إخلاصه تجاه المهام الموكولة إليه.
في الصباح كانت حصة الرياضة جزءاً هاماً من يومياتنا، حيث كنا ننهب الدرب جرياً ترافقنا الفراشات والطيور على طوله، لنملأ الكون حباً وفرحاً.
ذات يوم أقلقنا ما حدث، حيث شاهدنا أحد الرعاة وقد حطَّ رحاله مع أغنامه على كتف تلة بجانب الطريق،
قلقنا كان نتيجة القاعدة التاريخية الثابتة التي تخبرنا بأن الغرباء عندما يستوطنون مكاناً غالباً ما يعبثون بذاكرة وأشياء أصحاب الأرض، خصوصاً عندما يكونون غزاة على شكل رُحَّل.
كان الراعي يمتلك عدة كلاب شرسة، وكانوا في كل مرة نعبر فيها من أمامهم يرغون ويزبدون، تارة مهددين وأخرى متوعدين، وكأن الأرض أرضهم والهواء هواؤهم.
ذات صباح حصل ما كنا نخشاه، عندما تجرأت تلك الكلاب على اعتراض طريقنا، يومها نظرت إلى فريناندو لأعرف رأيه فقال: الدرب دربنا، ودعسات أقدامنا المتناثرة على طول الطريق تشهد بذلك. كلامه هذا ألهب حماسي، فبت مستعداً لكل الاحتمالات
كانوا خمسة، وكنا اثنين، لكن فارق العدد لم يثنينا عن الدفاع عن أنفسنا، عن حقنا، عن حريتنا.
تحلقت الكلاب حولنا على شكل دائرة، فوقفنا في الوسط، ظهورنا متقابلة كي يحمي كل منا الآخر.
كانت المعركة حامية الوطيس، كان فيها فريناندو كأبطال الأساطير، حيث كان يجندل خصمه بضربة واحدة من يده أو بعضة من فكه، وكنت في كل مرة يتسلل الخوف إلى قلبي أنظر إلى فريناندو لأستمد منه الحماس، وأكمل ما تعاهدنا عليه.
بسالتنا في المعركة أدت لإصابات محققة في صفوف الخصوم، فانسحبوا إلى مضاربهم مهزومين يلعقون جراحهم بحسرة، بعدها صممنا على متابعة رياضتنا الصباحية، ولم يتجرأ خصومنا على ما كانوا يفعلونه في السابق.
كنا في كل مرة نعبر أمامهم نمد ألسنتنا نحوهم ساخرين، فيختبئون بين الأغنام خوفا وخجلا.