إبراهيم شاهين: عزيزي ثيو
زي بوست:
أخبرك أننا نحاول العيش، الضحك، الاستمتاع بتذوق نبيذ نجربه لأول مرة، نعثر بين حين وآخر على مغامرات عاطفية لكنها تنتهي كما تبدأ ببلادة وملل، نجتمع أشخاصاً قليلين على كمية مبالغ فيها من اللحوم نشويها ونلتهمها كلها رغم امتلاء معداتنا، لنثبت لأنفسنا أننا نستطيع فعل ذلك، ندخل المنتزهات المُعتنى بها فنشرد وننتبه بعد ساعات طويلة من الجلوس على المقاعد الخشبية و مع حلول عتمة المساء، أننا لكِ ننتبه و ربما نسينا الاستمتاع بجمال المكان وسنقوم بذلك في المرة القادمة.
عزيزي ثيو : نحن غرباء بشكل واضح، ويبدو أن النساء الجميلات لا يكترثن للغرباء، نحن غرباء مكشوفون أيضاً بشكل فاضح، فالبائعة في سوبر ماركت المشروبات تعرفنا من عشوائية ما نشتريه من نبيذ أو فودكا.
عزيزي ثيو :
لن أتعبك بتفاصيل أخبارنا، فهي لا تحمل صفات الخبر بل ليس فيها سوى إحساس المراوحة والركود، فقط أود البوح لك بأنني بحثت في القاموس بشكل جاد لأركّب لك الجملة بشكل لا تفهمه بعيداً عن المعنى الذي أريده: أنت شهم ونبيل تشبه من نسميهم عندنا ( أبناء البلد).
عزيزي ثيو: بعد افتراقنا، عشتُ قصةً مثيرةً اسمها الوحدة، و مررت بظروف متناوبة النَوَسان بين السيء والجيد، خصوصاً في اثنين من الأسابيع الستة التي قضيت معظم أيامها في السرير، لكن وكي لا تقلق فقد انتهت تلك الحقبة و أُجبرت على النهوض من السرير و الخروج من المنزل إلى مدرسة اللغة تحت طائلة الحرمان من المساعدة المادية و منح صفة متشرد بلا سكن.
عزيزي ثيو : الأسبوع الماضي حمل إلي أخبارا جميلة، هاتفني قريب لي من الوطن وأخبرني أن أمي و أبي بخير فهما لم يكونا في البيت حين نزلت عليه قذائف الطيران، وهما الآن في كرفانة خمس نجوم في مخيم للنازحين على حدود تركيا.
عزيزي ثيو: تعال لزيارتي، أنا أدعوك لوليمة أكل شرقي فاخرة، و لك أن تختار الموسيقا التي تحب لنستمع إليها…. نعم انت ستختار ما نسمعه لأنه سيكون آخر ما نستمع إليه سوية، فأنا أرغب بأن نكون معاً في لحظة احتفالي بقطع كلتا أذنيّ لأني مللت من سماع أصوات الحطام، حطام كلّ شيء… و للمناسبة فقد جهزت كل شيء.. السكين الحاد و المواد المطهرة والشاش الطبي وكل ما تحتاجه لتضميد جراح أذنيّ بعد أن أقطعهما بحضورك.
عزيزي ثيو: لا تهلع فكثيرون حولي يعرفونك ولن تتعرض لأي مساءلة أو مضايقة، هم يعرفونك جيداً من كلامي المستمر عنك، لكنهم لا يعرفون أن لا بيت و لا عنوان وحتى لا وجود لك. لكني وببساطة عزيزي أرغب بوجودك لأنني أود الصراخ عالياً ليسمعني أحدٌ ما باهتمام.
صديقي في النهاية أرغب بوصول رسالتي إليك لأقول لك عزيزي ثيو: نحن لسنا بخير.