مروى بديدة: هدنة بنكهة المبيدات

مروى بديدة: هدنة بنكهة المبيدات

زي بوست:

هناك
في بلاد ليست بعيدة
تنبسط خلجان الفضة بظرافة مريعة
و في عمق المياه الآسنة تكبر الألغاز المريرة في سرية مع الطحالب
و تعيش الحيتان بهمجية مترفة
ثمة مراكب ثقيلة تعبر في ليل دامس
تذهب و تجيء مزينة بالأشرطة والأضواء الخافتة
في قبوها يدسون الجثث النحيلة في توابيت ضخمة
و يتسكع طفل مرح بين الموتى، يهرع ضاحكا
في بلاد ليست بعيدة
صباحها كمغيب شمسها
حيث يسيح النفط في الحقول المطوقة بالألغام
و من حوله يتكرر البشر
يحنون رقابهم ويتركون قلوبهم في البراميل
ثم يطلقون الرصاص والشائعات
فينطلق الجند على أحصنة بحدوات نارية
والبنادق معلقة على الأكتاف المنهكة
يغادر الناس بيوتهم
ينسون أمتعتهم و أفراحهم
وتشن الحروب باردة وساخنة
ويتقلص الربيع فتتسع الأحداق الخائفة وتنطفئ فيها الألوان
إلى المرتفعات تصعد حشرات بلا فائدة
تعج المنابر بالطنين الفارغ وتتزايد الرحلات البحرية و الجوية
ثم تقام الحفلات والذبائح بعد الفاجعة
حيث على الإفريز الحطام
تتيبس الدماء و ينمو السرخس بأحجام مرعبة
و أنا نسيت أين أضعت الحب
في بلاد ليست بعيدة
بعد أن كنت مع أحدهم نتبادل القبل وكؤوس الفودكا باردة
نهرب من الومضات الإشهارية وصورنا في المجلات
وإعلان طلاقنا وأسعار أحذيتنا الرياضية الباهظة التي استبدلناها بأخفاف سميكة كأخفاف الرهبان وهرولنا إلى الدير
تاركين خلفنا الباباراتزي والحسابات البنكية
والسجائر المهربة وجلسات المحاكم
وضعنا بعدها في غسيل الأدمعة وأعضاء السيليكون كما ضاع عشاق من قبلنا
ونسى أحدنا الآخر بعد أن عذبه طويلا
ثم قرأنا خبر وفاتنا في جريدة كاذبة
وربما متنا و لا نعلم …
وكل شيء حصل في بلاد ليست بعيدة
على خلجانها الرفرافة حرب وهدنة بنكهة الأسلحة و المبيدات البشرية

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s