ناصر ناصر: الأخ الأكبر في رواية 1984 لجورج أورويل

ناصر ناصر: الأخ الأكبر في رواية 1984 لجورج أورويل

زي بوست:

أخطر ما في رواية جورج أورويل 1984 أن الشر ينتصر في النهاية وأن البطل لا يستسلم أخيرا بل يقتنع أن الأخ الأكبر (الزعيم) هو الحق والحقيقة والخير والعدل.

توصل النظام الاستبدادي في الرواية إلى تحطيم العقل والروح والنفس.
فأجهزة القمع لم يعد يهمها جسدك واستسلامك وتأييدك الظاهري للزعيم بل تريدك أن تقتنع بأن الحزب الحاكم هو الحق والحقيقة وأن الزعيم هو الحب والخير كله وكل ما عداه فاسد..

أجهزة القمع و بعد سلسلة طويلة من التعذيب الجسدي والنفسي وتحطيم الروح والمعنويات وتدمير الكرامة استطاعت جعل البطل يقتنع بأن ما تعرض له من عذاب كان من أجل الخير وصار بالتالي يعشق هذا التعذيب وهذا التحطيم ويقتنع قناعة تامة بأن الزعيم هو الحق والحقيقة.

يحلل ويفكك أورويل عقلية النظم الاستبدادية وطرائق عملها ويأسف لأن القبضة الصلبة المهيمنة على الإنسان وعقله وروحه قد زادت من قبل أقلية حاكمة بعد اختراع الطباعة والصحف والكتب وزاد الأمر سوءا مع التلفزيون والمذياع فقد ساعدت هذه الاختراعات على بث الدعاية للحزب الحاكم والزعيم الأوحد (البطل و المنقذ والعبقري) وترسيخ عقيدته من خلال مناهج التدريس والصحف والأدب والغناء والسينما والتلفزيون.

أخطر ما تمارسه الأنظمة القمعية هو احتكارها لمصادر المعرفة والمعلومات وبالتالي تصبح قادرة على صنع الوعي الذي تريد والإنسان (المسخ) الذي تريد.

أظن أن ثورة المعلومات والشبكة العنكبوتية لأدوات المعرفة والتواصل قد كسرت احتكار الأنظمة المستبدة للمعلومات وأصبحت الشعوب قادرة على التمحيص والمقارنة والتدقيق والتفكير وأصبح أمر زوال هذه الأنظمة والتي نرى بقاياها في الصين وكوريا الشمالية والشرق العربي وإيران مسألة وقت لا أكثر فهي ساقطة ولا تملك الشرعية وما يجعلها صامدة حتى الآن هو العنف الذي تمارسه على المجتمع وليس الإختيار الحر.

لا أمنح الأنظمة الرأسمالية الديموقراطية البراءة كاملة لكن المسافة شاسعة جدا بين أنظمة تعتقل الناس وتقتلهم خارج إطار القانون وبين أنظمة تبيح وتشرعن حرية الرأي والتفكير، ثم أن الإنسان في الدول الديموقراطية لم يكن مجبرا على اعتناق عقيدة الحزب الحاكم ولا تأليه الزعيم بل كانت الخيارات مفتوحة أمامه ومصادر المعلومات متنوعة ومشروعة و متاحة، هذا الشيء منح الإنسان في الدول الديموقراطية الفرصة للاختيار و التفكير .

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s