ريّان علّوش: أم راشد

ريّان علّوش: أم راشد

زي بوست:

كانت أم راشد كمعظم الأمهات، من حيث نكران الذات وتضحياتها الجسام أمام وحيدها، وحيدها التي رُزقت به بعد سنوات طويلة من الانتظار، الأمر الذي كان يحرج راشد أمام زملائه لأنها كانت تبدو أقرب إلى أن تكون جدته.

الحرب لاترحم، فقد اختطف معظم شبان القرية، وكي لا تخسر وحيدها باعت كل ما تملك كي لا تراه جثة في نعش.

عندما غادر راشد شعرت والدته وكأن قلبها انتُزع من مكانه، لكنها واست نفسها قائلة: سيكون بخير.
مضت الأيام، و الشهور، كانت روحهامعلقة بطرف سماعة الهاتف، التي كانت ترفعها في اليوم عشرات المرات لتتأكد بأنه ما زال على قيد التون.

في البداية تكلم معها راشد عدة مرات، ثم بدأت مكالماته تتباعد إلى أن قطعت تماما، ولذلك كان منفذها الوحيد للاطمئنان عليه هو جارتها.
-هل من جديد على صفحة راشد خالتي عبير؟
-يوجد فقط صورة له مع عجوز تقود دراجة
-دراجة؟ ! يا لعارها تلك العجوز، ألا يوجد شيئا يتعلق بصحته، وأحواله؟ !
-لا، للأسف يا خالتي، لا يوجد سوى صورا له ولرفاقه.
-اييييه، الله يحميه، ويحمي أولاد الجميع (قالتها بعينين دامعتين )
بات منزل عبير محجا لأم راشد، فلن يغمض لها جفن قبل أن تطمئن عليه
في ذلك اليوم وكعادتها جلست بجانب عبير طالبة منها عرض صور راشد، وقد لفت نظرها صورة جديدة لتلك العجوز بجانب راشد:
-بالله عليك، اقرأي لي ما كُتب أعلى الصورة
-لو كانت أمهاتنا هكذا لما وصلنا إلى ما نحن عليه (قرأت عبير بصوت مرتجف )
للمرة الأولى لم تدمع عينيها، بل نهضت بهدوء، وملامح وجهها كانت حيادية تماما.

في اليوم التالي استفاق أهل القرية على جلبة، وصراخ، وضحك
كانت أم راشد تقود دراجة راشد في ساحة القرية بمهارة عالية.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s