ريّان علّوش: الحافلة (إلى روح والدتي في الذكرى السابعة لمقتلها)

ريّان علّوش: الحافلة (إلى روح والدتي في الذكرى السابعة لمقتلها)

زي بوست:

البرد القارس والمطر الغزير لم يمنعاني من الخروج، فالموعد الذي كنت بصدد الذهاب إليه لا يحتمل التأجيل،
على الموقف كنا بضعة أشخاص جميعهم ابتللوا بالمطر كحالتي،
فجأة أفلتت قطعة النقود الوحيدة التي أملكها من يدي، ،فأسرعت التقاطها.

في هذا الوقت مرت سيارة مسرعة بمحاذاتي، فاوقعتني أرضا، الأمر الذي جعل رواد الموقف يتحلقون حولي
نهضت، عدت إلى الرصيف بعد أن قلت لهم: لا عليكم لم أصب بأذى
بعد قليل توقفت حافلة غريبة الشكل، صعدت إليها، مع استغرابي الشديد من أولئك الذين مازالوا متحلقين في المكان،
جلست على المقعد متلفتا حولي، كان جميع الركاب صامتين شاردي النظرات، لدرجة أنني لم ألفت نظر أيا منهم، كان زجاج الحافلة من النوع المفيم لم استطيع معرفة وجهتنا،
نظرت الى السائق مستغربا، كان رجلا متقدما في السن ، حليق الذقن جميل الملامح، يشع من وجهه النور _هكذا شعرت _لذلك عندما هممت بسؤاله عما يشغل بالي تراجعت أمام سطوة النور المنبعث من وجهه ، لدرجة أنني نسيت أين كانت وجهتي.

توقفت الحافلة عدة مرات لتقل ركابا جددا ، ولكن هذه المرة شغلتني تلك المرأة عندما قالت لزوجها معاتبة: حذرتك بأن لا تسرع أكثر من مرة ، لقد أصبحت السيارة كتلة من الحطام.
_لا تقلقي يا عزيزتي، الحمد لله بأننا لم نصب بأي مكروه كما ترين.
آه، إذا هم نجوا من حادث سير فظيع على ما يبدو.

عندما نزلنا من الحافلة ارتسمت دهشة لا أستطيع التعبير عنها بدقة، لأن اللون اللازوردي الذي طبع المكان، إضافة لقرب الكواكب من مكاننا جعلني افتح فمي مرتعبا لمدة ليست بالقصيرة،
كانت الكواكب جميعها تطل بوضوح من وراء جبل مكتظ بالأشجار والينابيع يتوسطه قصر من الكريستال، وعدة خطوط للتلفريك دون أسلاك تربط بين طرفيه.

الشمس، القمر، زحل، المشتري، الأرض، بقية الكواكب لم أعرفها ، ولكن جميعها بدت لي أصغر بكثير مما كنت أتصور، باحة واسعة جدا كانت مكتظة بالناس، بعضهم كانوا قبلنا، وبعضهم وصل للتو بحافلات شبيهة بحافلتنا، أو عبر مراكب بحرية.

ما لفت انتباهي أن أغلب المتواجدين كانوا من ذوي السحنة الشرق أوسطية،
بدأ الرعب يدب في أوصالي، ،فالمكان غريب، وأنا غريب ، وبدأت أتساءل:
هل هذا حقيقة ؟ أم أنه مجرد كابوس؟!

في ركن بعيد استطعت تمييز والدتي بثوبها المزركش الذي كانت ترتديه في المنزل، فسررت لأن وجهها الجميل لم يشوهه البرميل الذي القته الطائرة الحربية فوق منزلنا، كانت جالسة على حافة نهر، وقد وضعت قدميها بالماء،
هرعت باتجاهها مبتهجا، ولكني اصطدمت بحاجز خفي لم أستطع تجاوزه ، بدأت بالصراخ ، برفع يدي كي ألفت انتباهها.

عندما نظرت إلي، ولوحت بيدها مبتسمة، هدأت، وأدركت بأنها ما زالت ملاكي الحارس.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s