اسماعيل مقداد: أنا اللَّاجئُ
زي بوست:
أيُّها النَّاسُ .. !
أيُّها الأقربونَ و الأبعدونَ
أَتدرونَ حجمَ مأساتي ؟
أتعلمونَ قَسوةَ جُروحِ اللَّاجئِ ؟
لنْ تفهوا قضيَّتي المُعقَّدةَ
عليكُم دِراسةُ التَّاريخِ العَرَبيِّ و العالميِّ
و فَهمِ أُصولِ كُلِّ الأديانِ و المَذاهبِ
عليكم فَهمُ مبادئِ الفلسفةِ و السِّياسةِ
و الآدابِ الشَّرقيَّةِ و الغربيَّةِ
حتَّى تُدرِكوا قضيَّتي و ثِقلَ أوجاعي
فأنا اللَّاجئُ الذي طرَدَتْهُ الأوطانُ العربيَّةُ
💢 💢 💢
كُنَّا نُردِّدُ كالعصافيرِ :
بُلادُ العُربِ أوطاني ..
مُنذُ نُعومةِ أظفارِي
و ظَلَلْنا نُردِّدُ أُغنيةَ الوَهمِ الكاذبِ
و حقيقتُها : بلادُ الحِقدِ و سفكِ الدَّمِ أوطاني
قادَتْنا رِياحُ الكُرهِ إلى كُلِّ بابٍ يرفُضُنا
و هرَبْنا منْ تُجَّارِ الدَّمِ و الموتِ
لِتُمزِّقَنا الغُربةُ و تُكمِلَ قِصَّةَ أوجاعِنا
💢 💢 💢
أصبَحْنا طعاماً للأسماكِ و الوحوشِ
يالَيتَنا بِتْنا طعاماً للبارودِ في بِلادِنا
و تناثرَتْ أشلاؤُنا في كُلِّ ناحيةٍ
و غَدَوْنا لَحماً رَخيصاً لِضارياتِ البَراري
ما أصعبَ أنْ يسألَني الغُرباءُ !
أينَ أخوكَ .. ؟
ابتلَعَهُ البحرُ أو افترسَهُ المُحيطُ
أينَ أهلُكَ .. ؟
باتوا أشلاءً في أفواهِ الذِّئابِ
و فتَكَ زَمهريرُ الجبالِ بأبدانِهم
فأصبحوا هياكلَ بلا رُوحٍ
أينَ الآخرونَ و الآخرونَ ؟
باغتَهمُ جَحيمُ الألغامِ
فدُفِنوا قبلَ عُبورِ الحُدودِ
💢 💢 💢
بعدَ أنْ نالَتْ مِنَّا المَصائبُ
و لم تُبقِ لنا بلادُ العُربِ أوطاني سِوى الأحزان
نكونُ للمُنظَّماتِ صيداً ثَميناً
فتعلو الصَّرَخاتُ ، و تتكدَّسُ الآهاتُ
و تضيعُ براءةُ الطُّفولةِ
و طَهارةُ الأُمومةِ ، و هَيبةُ الرِّجالِ
في زُحمةِ اللَّاهثينَ لِسَدِّ أرماقِهم
برَبطةِ خُبزٍ أو حَفنةِ طَحينٍ
إنَّهُ الجَحيمُ المُرُّ عَينُهُ
فلا تهتمَّ أيُّها اللَّاجئُ المَغلوبُ
فقد قاسَيْتَ جَحيمَكَ في دُنياكَ
و لكنْ تذكَّرْ دَوماً
أنَّ الحقَّ آتٍ و الباطلَ زاهقٌ