محمد زادة: مهاباد.. متى نام الأمير

زي بوست:

المشانق قمم
لا يطالها إلا الرجال
رجال حلموا بالشمس
وصعدوا إليها بالحبال
رجال بثياب قديمة
قصدوا الشمس
وفي الطريق إليها
استراحوا معلّقين
فأخذنا لهم صورة في الهواء
…

لم يكن الأمير طويلاً هكذا
حتى صار حذاؤه أعلى من رؤوس الجنرالات
لم يكن هادئاً هكذا كما اليوم
وهو يصعد سلالم الأبدية
…

المشانق قمم يا قاضي محمد
والأخشاب جبال
المشانق قمم يا عمر المختار
والطفل الذي أخذ عدساتك صار كبيراً
رأى الثورة وقتله استعمار عربي
المشانق قمم
والمعتقلات مجد
والنزوح حيرة
والثورات طوفان
والماء الذي هدم السدود
اختفى في التشققات
والأمير لم يستيقظ بعد
ليقول لنا ما نريد
نحن الذين انتظرنا أن نموت بطريقتهم
ولم يحالفنا الحظ
…

يقول الأمير لعمر المختار
أنا مثلك
لم تقتلني الحبال من عنقي
جسدي لم يكن ثقيلاً بما يكفي
لكن صوتي هو الثقيل
صوتي الذي جلب الطائرات إلى الجبال
وصوتك الذي جلب المدافع إلى الصحراء
…

أنا الأمير يا لوركا
أنا لوركا أيها الأمير
صرت ورقة صفراء
لم أمت عندما أعدموني رمياً بالرصاص
لم أمت سوى في الصور
وقف الحائط خلفي
خمسة بواريد لرجل واحد
لصوت رجل
وأنا أُخمّن أية بارودة ستكون الأولى
وأهدي للقاتل آخر قصائدي
أن الأصوات لا تموت
…

لم أمت في هيروشيما
ولا في صربيا
لم أختنق في حلبجة
وليست جثتي تلك التي ركلها بحذائه
ضابط تركي
لم أتشرد في مخيمات الجوار
لم أغرق في البحر المخصص السوريين
لم يضحك من بعيد ذلك القناص
وهي يرميني أرضاً
تاركاً طفلي للرصيف
ولم أكن جريحاً في مشفى ميداني يقصف
ولم تنته حياتي الجميلة
بجرة غاز
كنتُ ميتاً قبل كل هذا
ووحده صوتي كان يرعبهم
نجوت بالصدفة من كلّ شيئ
من النشرة الجوية للبراميل
و أمسيات صواريخ سكود
نجوت من سيف الخلافة
وبطش العصابات
نجوت من كل هذا
ليقتلني الغياب
لم أمت يا لوركا
الحائط الذي كان خلفك
ما زال واقفاً خلفي
وخمسة بواريد لرجل واحد
رجلٌ صوته الطوفان
…

أنا الأمير يا شاعر القضية
يا أحمد الزعتر
لم نترك الحصان وحيداً
تركناه كي نعود
فأطعموه للقطط البرية
تركناه كي ننجو
فالبشر للنزوح
والخيل الأصيلة للدار
ونجونا يا لوركا
نجونا
وصار الحنين جلادنا
مئات البواريد والحائط خلفي
سيعدمني
الحنين
يا لوركا
سيعدمني وحدي
هذا المساء
…

(لا تدوين لهذا العمر)