ريان علوش: لا تصالح
زي بوست:
الجزر يقوي النظر، هكذا قال لي صديقي عندما كنا في الصف الثالث الابتدائي، وعندما قلت له: اذاٍ يجب علينا أن نشتري جزرا كل يوم أفضل من أن ننفق ما نحصل عليه كخرجية على البوظة والكلول.
ردَّ قائلا: صحيح ولكن الجزر لا يقوي النظر إلا إذا كان عصيرا.
نظرت إليه باستغراب متسائلا: وهل يعصر الجزر؟!
أجابني: نعم، ويوجد دكان لديه آلة لهذا الغرض، ولكن المشكلة تكمن بأن العصير غالي الثمن.
فقلت له كمن وجد حلا:
علينا الإنتظار إذاً حتى قدوم العيد،
أجابني دون أن ينظر إليِّ وكأنه يبحث عن حل أفضل: لقد مضى العيد، ولن يعود حتى العام القادم، ثم أضاف: لدَّي حل.
_ماهو؟! سألته ملهوفا
أجابني: يمكننا أن نشتري كأسا واحدة لكلينا، فوافقته على الفور
في اليوم التالي زحفنا باتجاه الدكان، وبعد أن حصلنا على الكأس بدأنا بالتناوب على رشفها.
عندما كان أحدنا يرشف كان الآخر يمسك الكأس بيده، كي لا يزيد المعيار المتفق عليه.
في طريق العودة بدأنا بامتحان النظر فسألني: هل ترى تلك الشجرة خلف ذلك المنزل؟
وبعد أن أجبته بنعم وجهت له سؤالا مماثلا:
هل ترى ذلك العامود على سطح ذلك المنزل؟
أجابني نعم، وردَّ السؤال بسؤال:
هل ترى تلك الطائرة؟!
_نعم اراها، ثم سألته: هل ترى ذلك الطائر؟
_اي طائر؟!
_ الطائر الأسود
_لا لا أراه، قالها وقد تلوّن وجهه بالحمرة
_قلت له بلهجة المنتصر: انظر إنه يطير فوق تلك الغيمة
على الفور، وقبل أن أكمل العبارة تهجم عليَّ، متهماً إياي بأنني شربت من الكأس أكثر مما فعل، ثم بدأنا العراك حتى فرَّق المارة بيننا.
بعد ذلك كنا وكلما تواجدنا في نفس الشارع نبدأ التضارب بالحجارة من بعيد، وبعد أن كبرنا بات التجاهل سيد الموقف.
منذ فترة قلت لنفسي بعد أن مرَّ معي حسابه الفيسبوكي بالصدفة:
من المعيب أن يستمر هذا الحال فيما بيننا كل هذه السنوات لأجل رشفة زائدة أو ناقصة من عصير الجزر، ثم كبست زر الإضافة.
تلك الكبسة جددت الحرب فيما بيننا عبر الرسائل، ووصلت حد التحشيك والوعيد.
ساعات طويلة من العراك الفيسبوكي انتهت بالتبليغ على حسابه من قبلي، وحظري من قبله.