عبد الناصر الجوهري : متى العيْدُ يا جَدِّي؟
زي بوست:
أتاني العيْدُ يا جَدِّي
وما جفَّتْ دُميْعاتي
ولم أفرحْ كما الأطفال في عُمْري
ولم أهنأْ بأوقاتي
فذاك القصفُ لم يتركْ لنا شيئًا
فقد أفنى عناويني،
ولم يرحمْ مدافن أدْمُعي الثَّكلى،
وأمواتي
ولم يرأفْ بألواني ،
وفُرْشاتي
إذا انتفضتْ على التَّهجير لوحاتي
ولم يتركْ على الأوراق قافيتي،
وأبياتي
وهدَّمَ غلَّه حتى بناياتي
فهل تلك الدُّمى تخشى أذى
مُسْتوطني تلك العصاباتِ
أنا المأساةُ مأساتي
ولنْ أرتاحَ في ذاتي
ألوِّنُ من أسى الحلْوى جراحاتي
وأرسمُ فوق الأرض – يوم الأرض –
مقْلاعًا ،
وطائرةً لنا ورقيَّةً
تكفي لغاياتي
فمُذْ لوَّنتُ خارطتي ،
تودِّعني مَسِيراتي
وما كفَّتْ نداءاتي
أنا أتلو على الزيتون
أحلامى،
وأوجاعي،
حكاياتي
أنا الأعرابُ تتركني
لمُحتلٍّ
يُهجِّرنا ويقتلُ حُلْمنا الآتي
أنا في العيدِ يا جدِّي
تحاصرني هنا الأسلاكُ،
والتَّهويدُ،
والتجويعُ،
رُعْبُ الانفجاراتِ
وتفْزُعني مِنَ الأحلامِ محْرقةٌ لداناتِ
فقد دفنوا بداوتنا
تواريخي،
فُتوحاتي
وما اخترعوا سوى فتْوى مذاهبنا؛
ليشغلنا قتالٌ بيننا
في الأشْهر الحُرُم المُميتاتِ
هُنا في العيْدِ يا جَدِّي
حُطامٌ فارشٌ حولي بـــخيْماتي
وبارودٌ،
وبارجةٌ؛
لإحراقي ،
وإسْكاتي
وسجنٌ يغلقُ الأبواب ؛
لو غنَّت يماماتي
أنا طفلٌ تُشرِّدني قذائفُهمْ
يُجرِّدني تفاوضُهمْ
ولا أدري مساراتي
إلام العيدُ ينسانى ؟
إلام الحربُ تُرْسلني
وتسلبني أنا من خوذتي
ولي كلُّ الممرَّاتِ
فها صوتي كسرْبٍ من عصافيري ،
يردِّدُ رجْع أنَّاتي
متى الأعيادُ يا جَدِّي
ستأتيني بأحلامٍ جديداتِ ؟
متى تأتي بثوبٍ فيه تشْريقٌ
وإبْصارٌ لغاياتي؟
فكم أشتاق بيدرنا،
وزيتوني،
وأحبابي،
وداراتي
متى الأقْرانُ والصبيانُ تحت الدَّار تأتيني؟
وتصحبني
لجيراني وجاراتي
متى تأتي تبادلني أراجيحي،
تُمازحني بهنَّاتي
تذكَّرني بأشواق الحبيباتِ
وهل مددٌ سيأتيني جحافله؛
لينقذني
يُعيدُ إليَّ إسْراءَ النُّبوَّاتِ
يباركني ؛
لتحريرَ انكساراتِ.
*شاعر مصري