محمد زادة: أنتِ.. رحاب.. قمر.. سحاب
زي بوست:
بعد رحيلكِ بعامين طويلين تعرّفت على فتاة
جميلة التقيت بها في مقصف صغير على ضفاف الراين
كانت الموسيقى برازيلية والفتاة كانت سمراء
سمراء كاللواتي رقصن سنيناً تحت شمس ريو دي جانيرو ، وأنا أصافحها قلت لها:
– أنا محمد
وهي تبتسم قالت لي:
– أنا رحاب
أنا ورحاب تحدثنا كثيراً عن الخذلان والاغتراب القسري.. عن الحرب وعن الدين والجوع والفقر
ثم تحدثنا عن الحب وعن قطف التفاح من شجرة يابسة وبعد أيام قليلة تركتني رحاب لأنني أخطأت في اسمها مرات خمس وناديتها باسمك، قالت لي:
– لا أمتلك ميزة حذف الأسماء من الذاكرة هذه مهمتك أنت
فعدتُ إلى غرفتي وأنا استرجع في ذاكرتي تلك الموسيقى الإسبانية والبشرة السمراء، فعدتُ لعاداتي القديمة الهروب من النساء والعلاقات، وبعد مرور عام آخر تعرّفت على فتاة جميلة
لا تفارقها الابتسامة وشربنا معاً أول فنجانين من القهوة في مقهى صغير يحمل اسم بوب مورلي على قمة جبل واستمعنا معاً في أول لقاء بيننا لأغنيته الخالدة / لا نساء لا بكاء /
– أنا محمد
– أنا قمر
أنا وقمر تحدثنا كثيراً عن الخوف عن التردد عن الفراق الوجع وضربات الحنين وحاولنا قطع المسافة بين كوكبين بغمضة عين وحين زارتني قمر في منزلي رأت صورتك في كل مكان في الكتب وبين الأوراق في درج الخزانة وأعلى السرير وبجانب السرير في جيب معطفي وفي محفظتي في هاتفي وحاسوبي وعلى الجدران وخلف اللوحات وحتى في المساحات البيضاء لمحت ظلّكِ فاعتذرت مني وقالت..
– أنا لا استطيع أن ألعب دور الطبيبة النفسية
ومضت قمر فعدتُ مجدداً إلى عاداتي في الهروب والاختفاء ومرت شهور إلى أن التقيت بفتاة تشبهني في كل شيئ ما عدا لون العينين
وتفوقها عليّ بالتدخين وجلسنا معاً في غيمة وشربنا أول فنجان قهوة
– أنا محمد
– أنا سحاب
أنا وسحاب سافرنا كثيراً من حكاية إلى حكاية ومن جزيرة إلى جزيرة وتحدثنا عن المسافات والمقاتلين الذين يعبرون الشارع تحت بيتها تحدثنا عن مستقبل البلاد في قلب الجحيم وعن قلوبنا التي مضت كما البلاد التي هجروها سكانها الأصليين واستوطنوا في المخيمات، وتحدثنا عن أنفسنا فقالت لي:
– تخيّل يا محمد عندما تهمس لي على الهاتف لا اأسمع أصوات القصف وأنسى الحرب
لكن سحاب تتعذب وتخفي عذابها، وأنا أيضاً أتعذب والآن وفي هذه اللحظة وأنا أتذكركِ بشدة وأتذكر رحاب الفتاة السمراء والمقصف الإسباني
/أتذكر قمر وبوب مورلي/ لا نساء لا بكاء
وأفكر في السقوط من سحابة
* هامش .. الفتاة الثالثة سحاب لم التق بها بعد فتخيلت المشهد معها