إبراهيم شاهين: بانتظار بدء القدّاس (إلى روح باسل شحادة وروح أحمد الأصم)

إبراهيم شاهين: بانتظار بدء القدّاس (إلى روح باسل شحادة و روح أحمد الأصم)




زي بوست:




اليوم الأخير من أيار 2012/ الذاكرة يلفها ضباب، أذكر أن سماء دمشق الزرقاء كانت موشاة بأعمدة دخان أسود يصعد من عدة جهات من غوطتي دمشق.

على رصيف الكنيسة ( ربما كنيسة سيدة دمشق) كنّا بانتظار بدء قدّاس..

الصلاة على روح باسل شحادة شهيد حصار حمص.. ساحة العباسيين كانت خالية من الناس ومزدحمة بالترقب والتوجس وعناصر الأمن..

الحكاية الأسطورية لباسل وما جرى معه في حمص، تتدحرج ككرة الثلج بين جموع المتواجدين قرب الكنيسة..

الحاضرون يتوزعون مجموعات قرب باب الكنيسة بانتظار بدء القداس..

أذكر أن شبانا و شابات جلسوا على الرصيف جرّبوا خداع توتر الانتظار بأغنية ما عن سورية..

اشتد حماس المغنين في الشارع و ارتفع عددهم..

ارتفعت معه حرارة التوجس لدى الشبان و الشابات الذين يعرفون تماما في أي بلدٍ هم..

حماوة روح التحدي جعلت الجميع يغني أغنية عن الحريّة..

صار الغناء يحاكي أملاً صغيرا هو أن يتركونا نكمل الأغنية حتى آخرها..

لكن هيهات / لم يخيّبوا ظننا بهم/ كأنهم خرجوا من نوافذ الحي وأسطح البنايات ومصارف مياه الأمطار..

هجموا علينا سيلاً من حقد، الحزم الذي كانوا يسيرون به باتجاهنا، دفع جمعنا للتفرق، هربنا، كلٌ ركضَ باتجاه..

وأنا أيضاً هربتُ.. خلفي الكنيسة التي لن يُصلّى بها على روح باسل شحادة ذلك اليوم و لا في أيّ يوم.. وعلى رصيفها تركنا أغاني الحريّة و سورية تدوسها بساطير عمياء..

جريتُ باتجاه أحد الشوارع الخلفية لساحة العباسيين، أذكر أني وحيدًا دخلتُ في حارة ضيقة..

من يومها.. اختلطت الصور في الذاكرة، أشياء محددة فيها بقيت واضحةً تلمع كأساور من ذهب في شمس أيار ، باسل شحادة وأغاني الحرية و صيحات الشبيحة..

أما باقي ما حصل فقد لفه ضباب غريب.. حتى أنّي من تلك اللحظة إلى الآن يخطر لي أحياناً منذ ذلك الوقت و بعده..

أنَّ كل شيءٍ حصل و كل شيءٍ قيل.. ربما حصل و ربما قيل وربما… لا

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s