د. نور الدين منى: بالمشرمحي.. قراءة بانورامية للحالة السورية*
زي بوست:
- هذه القراءة البانورامية بنيت باستخدام نهج التحليل الإيجابي(Positive Analysis ) للحالة الراهنة السورية ،
(وصف الحالة كما هي Status quo) …
وليس كما يجب أن تكون (What should be)…
وبالتالي لا تعكس موقف ورأي الكاتب الشخصي من هذه الأحداث…!! تشير القراءة إلى أن : - معظم اللاعبين الدوليين على الأرض السورية؛ يجمعهم قاسم مشترك وحيد، هو الحفاظ على مصالح الأمن القومي الإسرائيلي.
- سورية؛ يصعب تصور أن تعود كما كانت قبل الحرب السورية؛ من حيث الجغرافيا والنظام السياسي والتنفيذي والتشريعي ( البرلماني ).
- الحل العسكري في إدلب لن يتمّ… واتفاق دولي على أن الحل لن يكون عسكرياً وإنما الحل السياسي …يعني إدخال تغيرات جديدة في نظام الحكم.
ويبدو أن هناك اتفاقات روسية أمريكية لهيكلية جديدة؛ لنظام اتحادي في سورية؛ ولو في الحدود الدنيا ..دعماً للأكراد. - تقارب وجهات النظر الروسية والإيرانية والتركية حول قاسم مشترك.. يتمثل بكيان سياسي مركزي لسورية الموحدة.
و تشير التسريبات، أن موسكو وطهران تفضلان هذا الكيان السياسي الموحد.. والذي يتمخض عنه حكومة سورية جديدة موالية لهما؛
وأيضاً خاضعة لسيطرتهما. - تشير القراءات السياسية، أن تركيا لها رغبة وحيدة، تتمحور حول اختيار حكومة منتخبة ( قد تفضي لوصول أحزاب غير مرغوب فيها)… لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى سورية.
هذه الرغبة والمقترحات التركية؛ تلقى معارضة أمريكية روسية إيرانية كردية. لأن روسيا وإيران وإسرائيل وحسب مراكز الأبحاث الغربية؛ يركزون على عدم وصول أحزاب غير مرغوب فيها إلى الحكم . - تواجه سورية أزمات اقتصادية خانقة ( كساد؛ ارتفاع أسعار؛ ضعف إنتاج ، حرائق مزروعات ومحاصيل؛ فساد حكومي مستشري؛ تبعات وباء كورونا على كل الأصعدة؛ انخفاض وتدني القيمة الشرائية لليرة السورية ).
وقريباً جداً تطبيق قانون قيصر والعقوبات الاقتصادية. - تقارب سياسي اقتصادي دبلوماسي بين جميع اللاعبين على الأرض السورية.. باستثناء إيران وسورية.
يقوم على الحد من النفوذ الإيراني على الأرض السورية؛ بما يخدم المصالح الإسرائيلية. - وبنفس الوقت؛ يبدو أنه؛ ومن تحت الطاولة؛ أن حلولاً مقترحة للمأساة السورية ، يشرف عليها بشكل كبير ومعنوي روسيا وأمريكا وإسرائيل.
مع الأخذ بعين الاعتبار؛ أن أي حل للحرب أو للمأساة السورية؛ يجب أن يرضي الجانب التركي .
خاصة وأن اسرائيل حسب ما تشير التسريبات؛ ظاهرياً؛ أنها تعمل على أن تكون إيران خارج سورية كلياً. - يظهر للمتتبع والقارئ للأحداث السياسية في سورية، أن هناك اتفاقات ضمنية أمريكية روسية لضمان المصالح الاستراتيجية الروسية.
ويبدو أن الأمريكان لا يمانعون، أو لا يعترضون على نمط الانتخابات.. شريطة أن يصل إلى الحكم من يكون موالياً وبشكل كامل لروسيا؛
مع ضمان الأمن القومي الإسرائيلي. - ألقت الخلافات المالية لرجل الأعمال السوري السيد رامي مخلوف مع الدولة السورية؛ بظلالها على الاقتصاد السوري الضعيف، مما فتح الباب على مصراعيه لتكهنات وتفسيرات وتأويلات سياسية واقتصادية،
كان من المفترض ألا تحدث…
والشعب السوري لا ينقصه هكذا هزات وانقسامات. هذه الخلافات كانت خاطئة في التوقيت والهدف….. - عوام الناس في الشارع السوري؛ يعرفون تماماً، مَن هم الذين نهبوا المال العام؛ بمباركة الحكومة… وخاصة خلال فترة الحرب؛ من حيث تهريب النفط….. الخ.
- طفا إلى السطح؛ ومن الإعلام الروسي حصرياً؛ انتقادات لسورية؛ حول القيادة والحكومة ..الخ. فأدى ذلك إلى إرباك جميع الشرائح السياسية والوطنية حول ما يجري.
للأسف؛ ما يثير الغرابة والدهشة، ألا يظهر أي مسؤول إعلامي سوري سواء على مستوى الدولة أو الحكومة.. يوضح للشعب حيثيات هذه الاحداث… وكأن الشعب لا يستحق من إعلامه الرسمي أن يعرف الحقيقة.
إنما يلجأ المواطن السوري إلى القنوات حتى الروسية أر تي أو القنوات الأخرى. - في الآونة الأخيرة؛ كادت أن تنفجر أزمة سورية روسية.. اضطر على أثرها بعض السوريين ومن تحت قبة البرلمان لإطلاق التصريحات المشوِّشة.. رغم أنه؛ يبدو أنها مدروسة.
- ردَّت الرئاسة الروسية، وطمَّنتْ؛ أن العلاقات بين البلدين طبيعية.
يعقبها مباشرة ترقية السفير الروسي في دمشق بصورة مفاجئة من سفير إلى مرتبة ممثل شخصي؛ لرئيس روسيا.
والبعض أطلق عليه تسمية المندوب السامي الروسي.
وتعددت التأويلات.. ولم نسمع من الجانب الرسمي السوري أي شيء حول هذا الموضوع . - رغم التطمينات الروسية.. أن تعيين السفير الروسي بهذا المنصب؛
هو تحريك للعمل السياسي وطرح الرؤية الروسية الجديدة لحل الأزمة السورية.
لكن العارفين بخفايا الأمور لن يشتروا هكذا تفسيرات… - ببساطة؛ عندما يصبح السفير وحتى لو كان فوق العادة ؛ ممثلاً شخصياً لرئيس الجمهورية، فهذا يعني أنه خرج من عباءة الخارجية الروسية، ولا يحق لوزير الخارجية بروتوكولياً أن يصدر للممثل الشخصي أوامر. وبنفس الوقت قد يتخذ قرارات.
ويبدو لمعظم الناس، أن هذا التعيين فيه انتقاص للسيادة الوطنية، لأسباب متعددة لا داعي لذكرها الآن. - يبدو أن هناك ولادة جديدة معدلة لداعش.. بدأت تباشير نشاطها حسب الحاجة على طرفي الحدود العراقية السورية.
رغم أن الرئيس الأمريكي والرئيس الروسي؛ وكل القوات المتواجدة؛ صرَّحوا أكثر من مرة، أنه تمَّ القضاء على داعش ..
لا أعرف إذا كان تمَّ القضاء عليها على سطح الأرض؛ وليس من المخابئ السرية المضمونة تحت الأرض.. و يمكن إخراجها عند اللزوم..!!!! - ما يعقد المشهد السوري، وخاصة أمام المواطنين الأحداث التي تقع في محافظتي درعا والسويداء. فبدلاً من أن تكون اللحمة بينهما سورية، يبدو أن هناك أياد خفية يسعدها عدم وجود اللحمة الوطنية.
- استمرار الهجمات الإسرائيلية بشكل أسبوعي أو لأكثر من مرة في الأسبوع على المواقع الإيرانية في الأراضي السورية.
ويبدو بذلك بوضوح، وكأن اسرائيل اعتمدت في المدى الطويل على محاولة وتكريس تدمير الجيش السوري والبنية التحتية السورية. - يبدو أن روسيا.. لا يغيب عن ذهنها، أنه إذا لم تنتهِ الحرب السورية بسلام.. ويبدأ إعادة البناء والإعمار، أن تقع في مصيدة المستنقع السوري.. وأن تلاقي مصيراً يذكِّرها بمصيرها في افغانستان سابقاً.
- يبدو أن المشكلة الأساسية حالياً لروسيا؛ تتمثل ب التواجد الإيراني.
لأن روسيا تخشى، أن تضيع نتائج أعمالها في سورية..
وخاصة إذا لم يكن لها دور في إعادة البناء. - بالنسبة للشعب السوري؛ القضية الأهم أن سورية مازالت تواجه مشكلة اقتصادية حادة وكبيرة، إذ أن 82 -83% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر.
وبدأ السوريون يخافون حتى على تأمين رغيف الخبز.. وهناك بعض الأصوات التي بدأت تشير بوقوع مجاعة في سورية.. وعندها ستتأكد الحكومة السورية ما معنى ” لا يوجد في سورية جائع”.
هناك تصريحات لمنظمات أممية باحتمال وإمكانية حدوث مجاعة في سورية. - تشير بعض الدراسات، إلى أن حجم الدمار يقدر بأكثر من 500 مليار دولار لإعادة الأعمار.
وهذا المبلغ يصعب تأمينه.. كما يصعب البدء بإعادة الإعمار ما لم يتم معالجة العلاقات السببية للمشكلة السورية من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية . - أصوات أخرى… لفتَ انتباهي بعض الأقلام، لمن يدَّعون الوطنية تطبيلاً وتزميراً.. دبَّجوا منشوارات أومقالات يتهجمون فيها بشكل واضح على المغتربين السوريين العائدين إلى سورية؛ وخاصة خلال فترة الحجر الصحي في المدينة الجامعية في دمشق.
فكانت كلماتهم لا تعكس أي وطنية؛ وإنما تظاهراً مبتذلاً بالوطنية،
لأنه لا يحق لأي مواطن أن يصف هؤلاء المغتربين دون معرفة ظروفهم المعيشية والاجتماعية، وما قدموا من خلال تحويلاتهم من العملة الصعبة إلى ذويهم..
والتي ذهب معظمها إلى دواعش الداخل.
فهل نطالب المغتربين بالعودة إلى الخليج أو الدول الأخرى..!!! - حتى أن بعض الأصوات طالت بعض القامات العلمية، والذين دفنوا خارج الوطن.. وبدأوا بالتساؤلات: لماذا ذهبوا خارج الوطن ….
دون معرفة الأسباب.
أليس من المخجل أن تدفن جثامين شخصيات مرموقة خارج الوطن (بغض النظر عن حالة الكورونا)….!!!
هل الأرض السورية التي استوعبت رفاة غزاة ومحتلين ومجرمين؛ ورفاة جواسيس أمثال كوهين لا تحتمل رفاة أبنائها…!!!
هل الأرض السورية أخبرتهم بأنها ستلفظ رفاة أبنائها السوريين…!!!!
طابت أمسيتكم …
٢٩ أيار ٢٠٢٠
نورالدين منى
*المصدر: صفحة الكاتب في فيسبوك