رودي سليمان: ماذا لو؟
زي بوست:
كنا كلما انقلب حذاء على ظهره
قلبناه
وكلما رفعتْ أمٌ سبابتها في وجهنا
ندمنا وقبّلنا يدها صاغرين
وكلما ذهب اليوم بضحكاتنا
ترقّبنا خطباً سيئاً يدق بابنا
ورددنا (ربنا اجعل خاتمة ضحكنا خيراً)
و كلما زاد الكلام عنا
اعتكفنا و تقوقعنا بلزوجةِ حلزون
و كلما فكرنا بالطيران
غزلنا حولنا وهمَ أجنحةٍ من نشاءٍ وصمغ
و كلما همستْ النساء أكثر
دقتْ قلوبنا
ارتعشَ الخوف الصائم عن الموت
و كلما هزّتْ عاهرةُ الحي أساورها
وقع قلبنا لئلا يكون الزبون التالي من أحبتنا
وكلما رددّتْ جداتنا تعويذاتها
فردنا أمانينا لدخان بخور يعمينا
نذّكرّها بأسمائنا لتردّ الحسد عنا
و كلما مدّ الطريق إلى المدرسة لمصافحتنا
تجاهلنا ورودَ أبناء الجيران
وأسقطنا بحبهم البكر في آبارٍ لادلو فيها
و كلما اقترب سكرانٌ إلينا
هدهد قلبنا لإيماءاته وصام نبضنا
حتى جاء يوم
وكبرنا كثيراً
علمنا أن الله لم يأبه يوماً للأحذية المقلوبة
وعلمنا أن سبابات أمهاتنا
إشاراتُ مرور المدى عبرنا
وأننا استقبلنا أيامنا بخوفٍ جائر
لتنمو الحروب الهائجة من قذارات أظفارنا
فلو ما كنا كذا
وكذا
لكان الحب طفلٌ يتأرجح هناك
لكان الملل يأكل الديكتاتوريات الصدئة بيننا
ولو عاشرنا واقعنا بمرّه
لبقي القلب جزءاً كاملاً فينا
كبرنا ونضجنا أكثر
وأدركنا أن
النشاء والصمغ لا يغزلان أجنحة للطيران
والحلم حقيقة مؤجلة
فماذا لو صادقناها؟!
وكان مألوفاً
وعلمنا
أن الحزن عشش بالتواء حسراتنا
ولو كنا شجعاناً مرة واحدة فقط
مرةً واحدة فقط
ماكانت الجارات لمزن عن فتيات أمامنا
وكنا ركلنا خوفنا من صداقة العاهرة
و شممنا حنين الأحبة لخشخشة أساورها
ولو تشجعنا قليلاً
لكانت الورود المرمية في دروبنا
لوحات حبٍ دافئة لشتاءات مظلمة
ولو أنصفنا السكارى
لعلقنا نياشين الطهر في صراحتهم
ليقطفوا شبقنا عنباً وخوفنا البائن زبيباً
فكيف لنا أن نعرف عما نحن الآن؟
ونحن قبور عابرة الزمن نحو ألف عام
أينبغي أن أحطّ من قدر الحياة؟؟
لتكون أكثر عقلانية
وأرجع بها
أهزّها من كتفها
تسقط اللعنات والخرافات اليابسة منها
علني استنشق الزنبق العائم في مستنقع اليوم