كتب ريّان علّوش: نعمة الخبز
زي بوست:
منذ سنيني الأولى كان يلفتني كبار السن الذين كانوا يتعاملون مع الخبز باجلال, إن صادفوا قطعة منه على الأرض يقبلونها ويضعونها في مكان نظيف, أو يقسمون بالخبز عندما يريدون أن يكونوا صادقين, يقال بأن هذه العادة تعود إلى سنوات المجاعة التي عاشوها في سفربرلك عندما كانت الناس تلحق كدش الجندرما لتلتقط حبوب من روثها, أو في الخمسينات من القرن الماضي , ويقال أيضا بأنها موغلة في القدم تعود إلى نوع من الطقوس في عبادة عشتار آلهة الخصب
في تلك الأيام وكشاب متمرد على كل شيئ كنت أسخر من هذه العادة التي ترمز للجوع والإذلال
منذ مدة كنت مع صديقي , فجأة انحنى ملتقطا قطعة من الخبز, قبلها ووضعها على رأسه ثم وضعها في مكان نظيف, ضحكت ساخرا ثم سألته: ألم تنس؟!
أجابني: ولن أنسى, إنها نعمة
البارحة وعندما كنت في الشارع لمحت قطعة من الخبز, لا أعرف كيف حضرت مجموعة من الصور القاسية إلى ذهني, غلاء الخبز وصعوبة الحصول عليه, الطوابير الطويلة بانتظار الحصول على عدة أرغفة منه, الموت أمام بوابات الأفران نتيجة سيارات مفخخة أو قصف الطائرات, سهول القمح المحترقة بفعل فاعل
انحنيت, التقطتها, قبلتها ووضعتها في مكان نظيف