
مها ريا: حقيبة سفر
كمْ كان مفوّهاً، وكم كنت أتعثّر بالنّطق!
وكأنّ أحدَهم جرحَ صدرَ الغيم بمشرطِ جرّاح، ليفرغه دفعةً واحدة.
للمرّة الأولى، أعرف كيف يتشكّل قوس القزح.
هطولٌ خفيف و تفترّ ابتسامة ملوّنة عن ثغر الشّمس.
كنت أقسّم الوقتَ بالتّساوي بين نظري المعلّق بقوس القزح، وبين استماعي لجمال حديث امتلكَ صاحبُه ناصيةَ اللغة فلوّن حروفها، حتّى امتزجت بألوان القزح.
الكلام موجّه إليّ وكأنّه أدرك مايجول بخاطري . قال:
تكلّمي حتّى نراك…
كم أكره خطّ الوسط !
نصف غيمة لا تمطر، ونصف الكأس لا يثمل، ونصف انتباه لن يأتي بالحلول وووو….الخ ، و توقّف عن الكلام.
وكأنّني أصبتُ بالذّهول ومن وسطه قلت دون أدنى تفكير:
متى سيزهر قوس القزح على شرفتي؟
إجابته هي ما احتفظتُ بها داخل حقيبتي، بعد أن رحل.
صرتُ أسعى لأثقب الغيم والنّاس نيام ، علّ شمس الصّباح تضاحك الطّلول على شرفتي ليزهر القزح.
يوم نبتَ على حبال صوتي أوّلُ براعم الكلام،
كانوا يقطعون جذورها بنظراتهم الثّاقبة،
ويرمونها على كفّتي ميزان أكل حوافّه الصّدأ،
في غفلةٍ منهم سرقتُ بعضَها وزرعتُه على ضفّة طريق.
الطّريق كانت مقيّدة الأقدام، فكيف يكون الوصول إليها.
ركلتها من خاصرتها، فاندلق من جوفها أفعى بسبعة رؤوس.
سحبت حرفين وقطعتُ رأسها الأوسط، فاعتدلت كفّتا الميزان.
تحرّرت قدما الطريق
شاخت ذاكرتي
لم أعدْ أعرف إن كان حلماً، أم حقيقة!
كل ما أعرفه أنّني ما زلتُ أمسك الحقيبة، ولا أعرف بأيّ الاتّجاهات أسير.