لم يعد ياقوت يحتمل شدّة الكوابيس التي يراها كلّما أغمض عينيه حتى وصلت به الحال أن يفكر بحلٍّ ممكن بعد أن جرّب عشرات الحلول ووصفات الأطباء ونصائح أمه لكن دون جدوى ، ياقوت قُتل مئات المرات في كوابيسه فصدّق بأنه مقتول منذ زمن بعيد ، لم يبقَ شيءٌ في الكون ولم يره ياقوت في كوابيسه من كائناتٍ حيّة وميّتة ومنقرضة قبل ملايين السنين ، الغريب في حالته أنّه كان يرى أحيانًا الكابوس نفسه والأمكنة نفسها ولكن في أجزاء جديدة لذلك كان يرفض النوم في بيت أحد مهما كان بعيدًا عن بيته ، قبل أن يتزوّج صارح خطيبته بسره هذا فابتسمت له قائلة:
– لن تطالك الكوابيس وأنا معك.
لكنها وبعد مرور عامٍ جلست على السرير غاضبة تطلب منه حلّاً:
– أريدحلاً.
لكن الحل غائب والحل الوحيد الذي فكّر به ياقوت كان بأن ينام على الأريكة.
هارباً من نظرات أطفاله كل صباح حين يستيقظون.
كانت الجملة الأكثر نقراً على مسمعي ياقوت أينما ذهب هي ( أنت تنحف كثيراً ) الناس لا تعرف أن ياقوت لا ينام الليل وكلما أغمض عينيه يستيقظ مذعوراً وفي الصباح يذهب للعمل ويبقى ساعات طويلة على قدميه وعلى هذه الحال مرّت عشرة أعوام وياقوت ينحف والناس تسأل إلى أن جلست ذات صباح زوجته على الأريكة وهي تطلب منه حلّاً:
– أريد حلّاً.
لكن الحل غائب والحل الوحيد كان أن يغادر ياقوت المنزل.
بعد عامين التقى ياقوت بامرأة جميلة أوقفته عن مغادرة حفل عام بنظراتها له فغادرا الحفل معاً وبعد ثلاثة أشهر من التعارف قال لها أحبكِ وصارحها بسرّ الكوابيس فضحكت كثيراً وهما في مقهى عام وسافرت معه إلى عدة جزر وخلجان وإلى ما وراء البحار وعاشا قصة حب عظيمة لكنها جلست ذات صباح على السرير وقالت له:
– أريد حلّاً فأنا لا أستطيع النوم بجانبك.
أنت تتعارك في نومك تتكلم لغة لا تُفهم وصوت أسنانك يقلقني ،لكن الحل غائب والحل الوحيد أمام ياقوت هو أن يغادر.
عاد ياقوت للعيش وحده وكان كلّما يستقبل صديقاً أو صديقة في بيته يقولون له قبل المغادرة:
كنت ترى كابوساً في نومك وحاولنا إيقاظك.
وواحدة قالت له صرت أرى كوابيسك منذ أن عرفتك بينما يا قوت لم يعد يريد حلّاً فلقد صارت كوابيسه جزءاً من حياته لن يتنازل عنها مهما كان الثمن.
هوامش
في سجل غينيس هناك رقم حطمه رجل أرجنتيني بأنه رأى ثلاثة عشر كابوساً في ليلة.. إنه شبيه ياقوت.
في كتاب ظواهر غامضة هناك قصة رجل لاينام منذ ثلاثين عام لكنه يغمض عينيه لبضعة دقائق.
وفي كتاب آخر ذُكِر أن رجلاً قضى أغلب لياليه على الأرائك هو ياقوت.
في قصة من الأدب الإنكليزي في القرن السابع عشر رأت الطفلة نارنج والدها الأمير غافياً على الأريكة فاقتربت منه لتقبّله ، وكان يتعرّق من كابوس مخيف
كان يرى سيّاف الملك فوق رأسه المشدود إلى المقصلة يعدُّ لحظاته الأخيرة وقبل أن يضرب السيّاف عنقه حطّت حمامة على رأسه وحملته بعيداً ، كانت قبلة طفلته.
من نصوصي ضمن مخطوط
سيرة ياقوت المنافي
*من صفحة الكاتب في فيسبوك