معاوية الصباغ: كيف تصبح متطرفا يكره نقد عقيدته؟



عندما يربيك آباؤك على عقيدة فإن الأنا في نفسك تنمو على أساس هذه العقيدة وتتماهى هذه العقيدة في نفسك فتصبح روح نفسك وبدونها تشعر بالاختناق والتهديد بالموت.

بعبارة أخرى تصبح العقيدة ونفسك متشابكة متداخلة ممتزجة ومتعاقدة لدرجة لاتعد تستطيع الفصل والتفريق بينهما.

فإذا حاول أحد مهاجمة عقيدتك ترى الأمر أنه هجوم على نفسك على الرغم من أن العقيدة أمر طارئ عليك وليست من صلب نفسك ولا من أصل تكوينها وهي متغير ومتبدل وناقص وزائد، هي شوية أقكار بشرية طورها بشر حسب فهمهم وإدراكاتهم وقدراتهم العقلية المحدودة وظروفهم ومعطيات واقعهم.

لماذا يحدث هذا ولماذا تصبح العقيدة مسألة حياة أو موت؟

الجواب في سلوك إبليس والصفات الإبليسية المبلسة والمكتومة في الإنسان حيث أنها صفات وخصائص وقدرات نارية جانة في النفس وقد زود الله ابن آدم بها لكي يستخدمها في الهدم من أجل البناء، لكن الانسان يطغى ويعتدي بواسطتها على الآخرين فيظلم نفسه ويظلمهم.

هذه الصفات الإبليسية تتلخص بأنها تعطي الإنسان شعور زائف بالقوة والكبر والغرور وبأنه خير من الآخر وأن عقيدته هي الحق المبين وأن الله اختاره في الدنيا لكي يكون البوس ونائبه ثم في الآخرة هو من الفرقة الناجية

عندما تواجه الإنسان العنصري من هذا النوع بالحقائق وأن عقيدته فاسدة، هنا يشعر بتهديد لحياته العقائدية وبالتالي تهديد بالموت لنفسه المتماهية مع عقيدته

لحظة التهديد بالموت لنفسه العقائدية وإظهار عورها هي لحظة كارثية ومصيبة كبرى بالنسبة للإنسان العقائدي، فبالنسبة له أنت تذبح نفسه أو ابنه فلذة كبده الموجود داخله لايفارقه في كل لحظة

هنا تتفعل ميكانيزمات دفاعية داخل النفس كاستجابة للمصيبة التي تواجهها نفس العنصري الطائفي بغض النظر عن عقيدته سنية أو شيعية، دينية أو لا دينية، إسلامية أو علمانية، قومية أو مناطقية

أشهر نموذج للاستجابة للكوارث والمصائب هو نموذج كوبلر-روس المعروف باسم مراحل الحزن الخمسة عند مواجهة الصدمة النفسية وهذه المراحل هي:

-الإنكار: “أنا بخير” أو ديني هو الحق
-الغضب: “لماذا أنا” أو روح انتقد أديان الآخرين
-المساومة: نعلم أن البخاري فيه شوية مشاكل بس يا أخي لماذا تركز عليها وتترك كل الخير فيه
-الاكتئاب: بغض النظر عن أي شيء يبقى البخاري فيه ما يتواقق مع كتاب الله ولذلك قررت أن آخذ بالروايات التي لاتتعارض مع كتاب الله
-التقبل: قدر الله وماشاء فعل وقد كنت مخدوعا وكنت أظن أن البخاري من دين الله وأنه وحي ثان وقرآن ثان ولكن أحمد الله أن أنار بصيرتي وهداني إلى كتابه، وإخلاص الدين له، لنرجع البخاري إلى رفوف التراث ولنعد إلى كتاب الله ننهل منه الدين فهو المصدر الوحيد لدين الله.

محسوبكم مر بالمراحل الخمس وبالترتيب ولم أعصى بمرحلة واحدة وأبقى فيها، وعندما تصل إلى مرحلة القبول والاسلام والتسليم لكتاب الله عندها تشعر بالحرية الحقيقية والتحرر من ربقة الآبائية وتدخل في السلم وفي وساعة الله العليم وتبدأ برؤية ملكوت السموات والأرض كما رآه ابراهيم.

لاتخافوا واقتحموا العقبة وتخطوا المراحل وصلوا إلى مرحلة القبول والإيمان بالله وكتابه والاطمئنان النفسي وعندها تصبح نفسك مطمئنة يا إنسان.

أمت نفسك العقائدية الآبائية التراثية واستجب لله وللرسول إذا دعاك لما يحييك فمن الموت تخرج الحياة.

(يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) وستحيا نفسك بعد موتها.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s