في حوار مع أخ وصديق بخصوص الحجاب طلب مني الرأي فأخبرته بأنني أعمل على مقالة طويلة بهذا الخصوص وأن الحجاب غطاء الرأس جزء من منظومة اللباس التي أنزلها الله للإنسان الضعيف الأبشر الأجرد البشرة من الصوف والفرو والريش والذي يستطيع بالتكيف العقلي والنفسي العيش في كل مناطق الكرة الأرضية شديدة الحرارة والمعتدلة وشديدة البرودة
أصر على رأي سريع ومختصر وخاصة أننا نتكلم عبر مكالمة دولية مكلفة
فقلت
الله ذكر اللباس والأثواب والخمر والجلابيب وأمر في ذلك أوامر
فاللباس له حد أدنى هو ضرب الخمر على الجيوب أي إخفاء وتمييع معالم الجيوب، ومن الجيوب الإبطين وماتحت الأثداء ومابينها ومابين الإليتين ومابين الفخذين، وإخفاء هؤلاء ممكن بجلباب نصف كم ينسدل من الأكتاف إلى ماعند الركبتين، مع لبس مشدات تحته كالستيانة لتقليل حركة الأثداء ومشد لتقليل حركة الإليتين، هذا هو الحد الأدنى الذي يمكن أن نفهمه من الآيات
(وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَـٰتِ یَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَـٰرِهِنَّ وَیَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا یُبۡدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡیَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُیُوبِهِنَّۖ وَلَا یُبۡدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَاۤىِٕهِنَّ أَوۡ ءَابَاۤءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَاۤىِٕهِنَّ أَوۡ أَبۡنَاۤءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِیۤ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِیۤ أَخَوَ ٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَاۤىِٕهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّـٰبِعِینَ غَیۡرِ أُو۟لِی ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِینَ لَمۡ یَظۡهَرُوا۟ عَلَىٰ عَوۡرَ ٰتِ ٱلنِّسَاۤءِۖ وَلَا یَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِیُعۡلَمَ مَا یُخۡفِینَ مِن زِینَتِهِنَّۚ وَتُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ جَمِیعًا أَیُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ) – النور 31
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ قُل لِّأَزۡوَ ٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاۤءِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ یُدۡنِینَ عَلَیۡهِنَّ مِن جَلَـٰبِیبِهِنَّۚ ذَ ٰلِكَ أَدۡنَىٰۤ أَن یُعۡرَفۡنَ فَلَا یُؤۡذَیۡنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا) – الأحزاب 59
فالخمر في اللسان العربي يدلُّ على التغطية، والمخالطةِ في سَتْر (مقاييس اللغة) أي الخمر هو إخفاء وستر معالم الشيء
فاللباس بحده الأدنى أمر من الله، هذا أولا
ثانيا اللباس عُرف اجتماعي، (ذلك أدنى أن يعرفن) ويعرفن من عرف، فغطاء الرأس يمكن أن يصبح عرفا تضعه النساء لكي يتميزن عن الرجال
ثالثا اللباس ضرورة بشرية للوقاية من ظروف الجو وتقلب الأنواء وللدفاع عن النفس, وهنا يأتي غطاء الرأس والنقاب ليحمي من البرد
(یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَیۡكُمۡ لِبَاسࣰا یُوَ ٰرِی سَوۡءَ ٰ تِكُمۡ وَرِیشࣰاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَ ٰلِكَ خَیۡرࣱۚ ذَ ٰلِكَ مِنۡ ءَایَـٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ یَذَّكَّرُونَ) – الأعراف 26
رابعا اللباس يمكن أن يكون زينة والطواقي والبرنيطات وأغطية الرأس تصبح زينة وموضة دارجة، فليست كل أنثى قادرة على تصفيف شعرها وتزيينه يوميا
(۞ یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ خُذُوا۟ زِینَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدࣲ وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ وَلَا تُسۡرِفُوۤا۟ۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِینَ) – الأعراف 31
وخامسا وأخيرا اللباس وغطاء الرأس حرية شخصية بشرط ألا يخرج عن الحد الأدنى للأمر الإلهي
الفرق بين دين الله وأديان البشر هو أن دين الله يضع خطوطا عريضة ومبادئ للمفهوم المعرفي يكن الحد الأدنى، أما البشر فيتطرفون في أديانهم بحيث يجعلون لباس المرأة يتراوح بين كيس فحم لاترى أي شيء داخله كما فعل اليهود في غلوهم وبين مايوه خيط لايستر من المرأة شيئا سوى منظر العانة القبيح
دين الله هو الوسط بين أديان البشر الوضعية إسلامية كانت أم علمانية
حرية الاختيار في الإسلام أمانة، أي مسؤولية ولها حدود وليست مطلقة
بل آن مفهوم الحرية في الإنسان أصلا محدود وليس مطلق كما يزعم البعض
باختصار فإن اللباس وغطاء الرأس ليس فرضا كما يزعم المتدينون وليس رمز عفة للمرأة وليس علامة تميز أو تخلف أو رجعية
اللباس وغطاء الرأس أمر ووقاية وعرف وزينة وحرية شخصية
فإن احتجت لتغطية رأسك ذكرا كنت أم أنثى ولم تفعل فسوف يعذبك الله بعذاب ربما يكون مرضا أو شعورا بالبرد على سبيل المثال
الإسلام دين وسط لاإفراط فيه ولا تفريط، فلا تذهب لحد الخروج شبه عاري وبنفس الوقت لاتشعر بالذنب لأنك لبست لبسا غير مناسب للحالة والوضع الذي أنت فيه
اللباس المناسب للوضع المناسب وكلما كان جميلا كان أفضل طالما تلتزم بالحد الأدنى للأمر الإلهي ضمن شروط ومحددات اللباس المفيد
وطبعا لاننسى أمر الله للمؤمنين والمؤمنات بغض النظر ماأمكن لكي يكتمل الموضوع مع موضوع اللباس