المظلوم فنيّاً والنجم الكومبارس
تم تصوير جزء من مسلسل الفراري في قريتي بريف حلب (الزيارة) وخاصة في زريبة عمي عبد الغني، حيث يمشي الجنود الأتراك في أزقة القرية القديمة.
وأستعيد الآن أرشيف الصور واللقطات من ذاكرتي الطفولية التي صنعها ضحك الممثلين وصراخ المخرج وتخبط الكومبارس.. هناك وأنا أتسلّق شجرة التوت الكبيرة التي أصبحت فيما بعد مهجورة مثل بيت الحاج أحمدي عفدو…
كنتُ قريباً من المخرج الذي ينظر إلى الشاشة والكاميرا الكبيرة فوق اسطبل الحمار تصوّر دخول الجنود.
نجم القرية الأول والوحيد (النجم الكومبارس) سعدو أبو علي يسحب الماء من البئر ويبتسم.
سعدو أبو علي ينظر في وجوه الممثلين ويبتسم لزملائه عدنان بركات ونجاح حفيظ وعبد الحكيم قطيفان وبسام كوسا “جميل مسدّي” وفائق عرقسوسي وفايز أبو دان، وسعدو أبو علي يدلي بدلوه في الجُب ويخرج الماء ويصبّه في الجرن، ليشربه العسكر العصملي (العثمانلي).

ظلّ جدّي لسنوات يشتم مخرج المسلسل غسان باخوس، لأنه اختار سعدو أبو علي للدور ويقول:
“معقول سعدو بيعرف يمثّل أكتر مني؟ و الله أنا أحلى منه”.
حتى الدجاج شارك في العمل والعنزة أيضاً وجدي المسكين يلفّ سيجارته بحرقة ويدعو الله بأن يموت إما المخرج أو سعدو أبو علي أو تقوم إسرائيل بقصف القرية ومحوها مع الكاميرات والممثلين وأولهم المخرج.

أصبح سعدو أبو علي نجماً ومات جدي وفي قلبه تلك الحسرة وهو يقول: “الله يسامحك يا أستاذ مخرج”
تم عرض المسلسل مرات عديدة على التلفزيون السوري وجدي يشاهد بحسرة ويقول:
“أنا قلت للمخرج يصوّر أول الضيعة، بس هو ما بيفهم بالإخراج أصلاً “.
يتابع : “لو عطوني الدور إلي، كنت مثّلتْ أحلى من سعدو.. الله أعلم أنّه سعدو دفعله يمكن”
جدي الفنان الذي لم يصبح فناناً، يروي تفاصيل خلافه مع مخرج العمل ويقول:
“الدراما السورية لم تنصفني”