محمود أحمد باكير: أرصدة المجزرة
أرصدة المجزرة …….؟!
البلاد …..
و طوال عقود …
ربت المجزرة ….
كطفل مدلل ….
في الشوارع و الساحات …
و المدارس و الحقول و الجامعات ….
في منهاج التربية العسكرية …
و في كلية الشريعة ..
و معسكرات الطلائع ….
و الشبيبة …
و دورات الصاعقة ….
في التوجيه السياسي …
و الصحف المكررة …
و اتحاد الكتاب العرب …
في مكاتب السفر … و العقارات …
و حلقات الحزب الواحد و التقارير …..
في الملعب البلدي …
و سينما الكندي …
و في خمارات الشوارع الجانبية …
أو براكيات الصفيح …
المنتصبة على رصيف الطريق …
طريق حلب – دمشق الطويل …
كالمحارس و المتاريس …
و هي تراقبنا …
على مهلها … نعد لها قبورنا …
نحفرها على مهلنا ..
و نحن نرصف للموت …
طريق المقبرة …
……………..
…….
كانت المجزرة مؤجلة … فقط …
تستبدل بالولائم و الخراف المذبوحة …
على عجل …
تحت أقدام ضباط المخابرات …
و أعضاء مجلس الشعب …
و مدراء معامل الأسمنت …
و السجل العقاري …
و النواحي …
كي تكبر … دونما خطر …
في دوائرنا المغلقة …..
………..
….
كنا نعرفهم …
نعرف القتلة …
و نرتب لهم الموائد و الهدايا …
و نرسل لهم بطاقات الأعراس الأنيقة …
و أكياس الأرز و ساعات ” الرادو ” الباهظة …
الجبن البلدي …
و العسل الحلال ….
كنا نطلق رشقات الرصاص الغريزي …
لهم في المساءات المقمرة …
تحية … للرتب العسكرية …
و للنكايات و للفحولة …
كنا …
نجتاح تخوم جيراننا … الضعفاء …
كي نسرق لهم البطيخ الأحمر ..
و أكياس البطاطا ….
كنا …
نسرق من أجلهم … دجاج العجائز …
ديوك القرى ….
و نقطف لهم ” الكمأ ”
الناهض في البراري … البعيدة …
كي تجلجل الضحكات …
على شرفاتهم …
و هم يعدون الخطط و المحاور …
و الأسلحة ….
…………..
بلد …
ربت قاتليها … على كفها …
كل شبر .. بنذر كبير …
و حملتهم على أكتافها في الشوارع …
و هي تهتف … لمجدهم :
” بالروح و الدم “
………..
يا حماة البلاد ….
خذوا كل هذا الدم …
و كل هذه الأرواح …
المتطاولة تحت شرفاتكم … كالأعمدة ….
فعظامنا كانت لكم … مسدسات …
و قلوبنا كانت ….
” مستفة ” لكم … كالأرصدة ………………. ؟!