شاعر دون جواز سفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا الكثير جدّا
حين أفيض من وحدتي
فأمتلئ
بالغرقى
و بثعالب الماء تجمع ما تساقط من أصابعي
لتصنع بها سدودا صغيرة تحُول دون تسرّبي كاملا
منّي/ إلى ضفّة قصيدة !!
أنا الكثير جدّا على ضفّتي
كما أسراب أحلام نافِقة على ضفّة وسادة طفل فقير
وكالأغاني الوطنيّة التي تُفتَتَحُ بها.. موائد اللّصوص
والكثير جدّا
حين لا أراني في المرايا،
لا أراني في عيون المارّة
ولا في عيون دجاجات جدّتي و أنا أحمل لها الطّعام
وحين
ينطفئ الضّوء
فيذهب ظلّي حاملا كلّ خدوشه ليرتاح في بقعة صمت
وأفور
أنا.. منّي
كشمبانيا تفور من زجاجة رجّها شابّ يحتفل بفوز فريقه المفضّل بدوري الأبطال !
أنا القليل جدّا
حين يعود الشّعراء منهكين من مراثيهم
دون أن يحصّلوا خبزا
ودون وعود لحضور مراثي جديدة
أنا القليل جدّا
في ذاكرة سعاة البريد،
في قوائم الواصلين إلى
محطّات تعرفهم
فتعدّ لهم القهوة و حمّاما ساخنا،
بين أصابع الشّعراء الكبار
يبلّلونها بالكثير من ريقهم
وهم يتصفّحون مخطوطا لشاعر لا يحمل جواز سفر.. كأنا
حتى لا يعلق بها حزنه الملفوف بورق اللّغة
وفي شعر عبدالرّحيم ناصف
لأنّي لا أعرف “أوشو” ولا أتكلّم كما تكلّم “زرادشت”
ولأنّي أتقيّأ كلّ الطّرقات كلّما شربت خطواتي حافية…
أنا القليل جدّا
على ضفاف من أحبّهم
لأنّهم كالأنهار لا يمكنهم إلّا أن يركضوا بعيدا
و لأنّي
شجرة
لا شيء يركض منّي إلّا أوراقي حين يهديها الخريف لحبيبته العاصفة…
وأنا القليل جدّا
حين تنضج فاكهة حبيبتي
فلا تتسلّل إلى مزارع رغبتها.. أصابعي
ولا تلتقط ابتساماتها الطازجة.. شفتاي.
الآن………………….
ككلّ أولئك الكثيرين جدّا داخلهم
والقليلين جدّا على ضفّة العالم
أنفض عن وسادتي ما علق بها من أسراب أحلام نافقة
وأحاول أن أنام
ربّما
أزور، في حلمي، مرثيّة فيها الكثير من الخبز
وأعود منها شاعرا يحمل جواز سفر.
*من صفحة الشاعر في فيسبوك