كتب عبد الكريم عمرين:
رسالة مفتوحة إلى المطربة #نجوى_كرم
عبد الكريم عمرين
13/3/2023
لا أعرف سرّ تعلق ولدي فادي بك ، لا ليس تعلقاً بك بل الجنون بك ، إنه يسمع أغانيك يومياً لعشرات المرات ، ولا يمل السماع بل يزداد هياماً بك وبأغانيك ، وتطور الأمر عنده ليصرح أنك زوجته .
وفادي يا سيدتي قبل كل شيء هو إنسان صاحب احتياجات خاصة ، فقد أصيب في اليوم الرابع لولادته بشلل رباعي متوسط الشدة ، بسبب خطأ طبي ، وله من العمر الآن 36 عاماً .
لا أعرف حقاً سبب تعلقه بك ، فهو يعتبرك أجمل النساء ، وأكثرهن أناقة ، رغم ضعف الرؤية عنده ، وصاحبة الصوت الأجمل . وأمام هذا الهوس بك الذي يسبب له أحياناً الدخول في نوبات اختلاج يغيب فيها عن الوعي ، وتسبب له أيضاً بعض التخريب بخلايا دماغه ، أمام هذا التعلق ، أمازحه ، وأكذب إذ أقول له أن صوتك ليس جميلاً ولا شيء يستحق الاهتمام بك ، لا الجمال ولا الأناقة ، لا أغانيك ولا ألحانها ولا كلمات تلك الأغنيات تستحق الاهتمام ، وأدعي استغرابي بإعجابه بك ، فأناكده ، فيغضب ويرد علي يريد أن يفحمني فيقول : بالأصل نجوى هي شمس الغنية ، فأضحك وأقول له : لكنا الآن في المساء والمساء لا شمس فيه ، فيرد لي الصاع صاعين فيصفعني بثقة ويقول : في الليل نجوى هي قمر الغنية .
هكذا يمر الوقت ثقيلاً بين والد يبكي ملء قلبه لحال ابنه ، وبين الفرح والحب الذي يعيشه فادي بك ومعك من خلال أغنياتك ، ولو تعرفين يا نجوى ، أو ترين كيف يستمع إليك فادي ، أو يشاهدك من خلال الفيديو ، كيف يضم يديه إلى قلبه ، وتترأرأ عيناه ، ويذهب بعيداً عن الواقع ، يعيش حالة من الفيض كحال المتصوف الذي يذوب حباً بالله ، في سدرة منتهاك ، رغم أن كلمة رؤيتك من خلال الفيديو ، هي كلمة قاصرة ، ففادي لا يرى حقيقة إلا من خلال زاوية ضعيفة بسبب شحوب في حليمة العصب البصري عنده ، لكن الرؤية عنده أعتقد ، بل متأكد أنها رؤية القلب .
أعود لأمزح مع فادي ، بل لأحرض عنده التفكير ، وأدرس ميكانزم عمل دماغه من حيث الاستجابة والتعايش ، فأقول له : طيب ما دمت تحب نجوى لهذه الدرجة ، فأنت لبناني ، وسأسميك فادي كرم ، وعليك أن تعيش معها هناك في بيروت ، فيصحح لي منتصراً على ضعف وقصور معلوماتي ، لا نجوى من زحلة ، فأعتذر منه ، وأتحدث معه باللهجة اللبنانية ، فيصحح لي كلمات: مثل: بدي فل ، وبدنا نضهر ، ضوباي/ دبي/ … الخ .
أكتب لك يا سيدتي لا لأخبرك بكل ما ذكرته ، وما لم أذكره لك آنفاً ، بل لأن حالة فادي ازدادت مأساوية بسبب أغنيتك الأخيرة : ساعة بيضا ، وتحديداً في مبتدأ الأغنية الذي طحن فادي حتى الأعماق ، وانكسرت روحه ، فقد صار يبكي كلما سمع موال الأغنية الذي تقولين فيه :
بلَحظَة صارْ الكَونْ كلّو خْيالْ
وما عِدِتْ إقشَعْ لمّا قرَّبِتْ لَيّي
مِشْ ذَنبَكْ إنِتْ ما مْرَقِت عالبالْ
ذنبي أنا الـ ما شافوكْ عينيّي
لا أعرف حقاً ما الذي يبكي فادي حين سماع مطلع الأغنية ، وصار الأمر يقلقني تماماً ، ويصيبني في مقتل ، خصوصاً حين يقول لي فادي : أترى الدمع في عينيّ يا بابا ، فأجيبه ، نعم كلمات جميلة وصوت نجوى جميل ومعبر ، هكذا الأغاني يا أبي بعضها يفرحنا وبعضها يدعونا للحزن ونتأثر بها حتى البكاء ، لكن فادي يطرق رأسه بصمت ولا يرد ، ربما لا يوافقني الرأي والفتوى عن سبب بكاءه ، لكني أجزم في أعماقي ، أنه يبكي نفسه وحاله ووضعه العائلي ، وأنه يحمل لك من المشاعر ما يفوق كونك امرأة بكامل مشمشها ، بصوت جميل ، وحضور لافت .
شكراً نجوى لأنك مصدر الفرح عند فادي
والله يسامحك لأنك سبب بكاءه أيضاً .
*مختارات
*من صفحة الكاتب في فيسبوك